الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

فصل: في الكلام في أن الله قديم

صفحة 205 - الجزء 1

  على كفر من عبد اثنين فكيف بمن عبد ثمانية؟

  ويقال: هل تستحق هذه المعاني ما يستحقه الله تعالى من المدح والثناء والتعظيم والعبادة أم لا؟

  إن قلتم بالأول قيل: فلم أمطلتموها ما تستحقه عليكم سيما وقد قلتم: لولا هي لَمَا كان الله تعالى قادراً عالماً ونحوهما، ولَمَا تمكن مِن خلقكم ورزقكم؟

  وإن قلتم بالثاني قيل: فقد انعقد الإجماع أنَّ مَن عظم شيئاً كتعظيم الله تعالى فهو كافر.

  ويقال: إذا كانت المعاني هذه قديمة مع الله تعالى والكل ليس بجسم ولا عرض فبم يمتاز بعضها عن بعض؟

  إن قلتم بالأسماء الموضوعة لها قلنا: هي ألقاب طارئة متوقفة على وضع واضع اللغة، ويصح تغيرها وتبديلها.

  وإن قلتم بالجهات والأماكن قلنا: ذلك من خواص الأجسام.

  وإن قلتم بالهيئات ونحوها قلنا: ذلك من قبيل الأعراض.

  وإن قلتم: لا يتمايز بعضها عن بعض قلنا: فقد صارت كلها بمنزلة واحد منها، فيجب الاقتصار عليه، ويجب نفي ما عداه، وهو الذي نريد، وبالله التوفيق.

  وقد رأيتُ أن أختم هذا الفصل بشيء من كلام الوصي إمام العارفين، وسيد المتكلمين، أخو رسول الله، وشبيه أنبياء الله، باب مدينة العلم، وأسبق أهل هذا السلم؛ ليستأنس به طالب الحق في هذه المسألة، وإلا فالتقليد فيها لا يجوز كما في غيرها من أصول الدين، قال #: (أول الدين معرفته، وكمال معرفته التصديق به، وكمال التصديق به توحيده، وكمال توحيده الإخلاص له، وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه، لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف، وشهادة كل موصوف أنه غير الصفة، فمَن وصف الله سبحانه فقد قرنه، ومَن قرنه فقد ثناه، ومن ثناه فقد جزأه، ومن جزأه فقد جهله، ومن أشار إليه فقد حَدَّه، ومن حده