الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

فصل: في الكلام في أن الله تعالى لا يشبه الأشياء

صفحة 224 - الجزء 1

  قال القاسم والهادي والمتوكل على الله والمهدي والأمير المؤلف $ وأبو الهذيل من المعتزلة وغيرهم: إنهما من قبيل الأعراض.

  وقال بعض أئمتنا $ على رواية شيخنا | ولم يبينه، وأكثر المعتزلة: هما جسمان.

  قال شيخنا: والأول هو الصحيح؛ لأن الجسم الهواء، وهما لونان يتعاقبان عليه.

  قال الهادي #: هما سواد وبياض، والشعاع جسم. قال: ومثله حكى في الحقائق عن القاسم #.

  قلت: هذا صحيح، إلا أن قوله: «والشعاع جسم» مشكل؛ إذ لم يظهر للشعاع معنى غير أنه من النور.

  قال: وأما أبو الهذيل فمذهبه أن الهواء ليس بجسم؛ فيلزمه إثبات عرض بلا شبح، فينظر في ترقيع خرقه. وأما قوله تعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ}⁣[النور ٣٥] فذكر الأمير # في الينابيع أن المعنى الله منور، وحكى عن أمير المؤمنين #: هادي أهل السماوات. وفي الكشاف: صاحب نور على حذف مضاف.

  (لأن جميع ما ذكرنا) من الوصف له تعالى بالكيف وما بعده كله (ينافي القِدَم) الذي قد ثبت وتقرر بالأدلة القاطعة أن الله تعالى متصف به ولا يشاركه غيره فيه؛ فلو جوزنا وصفه تعالى بشيء مما ذكر لناقضنا القول بقدمه تعالى.

  قال #: (ولأجل ذلك) أي: لأجل القول بأنه تعالى ليس بجسم لكون الجسم محدثاً وهو تعالى قديم (نقول: لا يجوز أن يقال: هو) تعالى (طويل، ولا قصير، ولا عريض، ولا عميق) لأن هذه الأوصاف هي خصائص الجسم التي بها كان جسماً، والطويل تارة يقابل القصير فيكون من باب مقابلة النقيض بالنقيض، وهما أمران نسبيان؛ لأن الجسم قد يكون طويلاً بالنسبة إلى جسم آخر، وقد يكون قصيراً بالنسبة إلى ثالث. وتارة يقابل بالعريض فلا يكون من