فصل: في الكلام في أن الله تعالى لا يشبه الأشياء
  مقابلة النقيض بالنقيض؛ لأن كل نقيضين لا يجتمعان في محل، وهما - أي: الطول والعرض - مجتمعان في الجسم، فيكون من مقابلة اللازم بملزومه، كمقابلة الضحك بالسرور ونحو ذلك، فالطول بهذا المعنى امتداد الجسم في إحدى الجهات أكثر منه في الجهة الثانية التي هي جهة العرض، فيكون العَرْض امتداد الجسم في إحدى الجهتين أقل منه في الجهة الثانية. والعمق امتداد الجسم علواً وسَفْلاً، وكل ذلك دال على الحدوث ولزوم مُقَدِّر ومُدَبِّر جعل الجسم على هذه التقادير ودبره على تلك التدابير. (و) كذلك (لا) يجوز أن يقال في وصفه تعالى: (شَوِيه ولا مليح) لأن الشواهة سوء المنظر، والملاحة حسنه، فالكل منتف عن الله تعالى؛ لأن ذلك فرع الجسمية. (و لا أن يقال: هو يَسْتَرُّ أو يغتم أو يهتم أو يظن أو يَعْزِم أو يلتذ أو يشتهي أو ينفر أو يُؤْلَم) لأن هذه الصفات كلها من صفات الجسم الحي، ويعبر عنها بصفات الجملة التي يقابل بها صفات الآحاد كالألوان ونحوها.
  ويستر: من السرور وهو الفرح. قال شيخنا ¦: ويمكن أن يقال: بل الفرح أخص؛ لأنه ورد ذمُّه والنهي عنه، بخلاف السرور بحصول ما يحب فلم يرد فيه نهي ولا ذم، بل رَغَّب الشارع في إدخاله على المؤمن، قال في البحر: والفرح: هو السرور الذي تصدر عنه أفعال طرب، وقوله تعالى: {وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ}[الروم ٤] معناه: يستر، من استعمال المقيد في محل المطلق، ووزنه يفتعل براءين أولاهما مكسورة، فأدغمت في الأخرى فصار يستر.
  ويغتم: من الغم، وهو اعتقاد الحي بأن عليه أو على من يحب حصول مضرة أو فوت منفعة. قال القرشي | في المنهاج: ويفارق الخوفَ مفارقة العام للخاص في بعض صوره.
  قلت: وهذا غير واضح، والأظهرُ أن الغم يتعلق بما قد وقع أو سيقع، والخوف يختص بما سيقع في المستقبل.