[خطبة المؤلف]
  شيئاً من معاصي العباد، الذي أمر بالطاعات ليثيب عليها، ونهى عن المعاصي وزجر عنها، ولم يأمر العباد إلا بما يطيقون، ولم يزجرهم عما هم به مطوقون، وأشهد أن محمداً عبده ونبيه، الذي أرسله بالحق بشيراً ونذيراً، وجعله داعياً إليه بإذنه وسراجاً منيراً، وأنزل عليه كتابًا عربيًّا، أحدث كلماته وفصلها تفصيلاً، وجعل {مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ}[آل عمران ٧]؛ ليبلوهم أيهم أحسن عملاً وأصدق تأويلاً، وجعله المعجزة الباقية ببقاء شرعه إلى منقطع التكليف، وقرنه بالعترة النبوية إلى أن يردا عليه الحوض يوم العرض على الخبير اللطيف، صلى الله وسلم عليه وعلى آله الذين أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، وعلى أصحابه الذين اتبعوهم بإحسان أولًا وأخيرًا.
  وبعد، فلما كان المختصر الموسوم بـ «العقد الثمين في معرفة رب العالمين وعدله في المخلوقين، ونبوة النبيين، وحصر الإمامة في الآل الطاهرين وغير ذلك من سائر مسائل أصول الدين»، مؤلف مولانا الإمام الناقد البصير، الأمير الكبير، شرف الإسلام، ناشر علوم عترة سيد الأنام، الحسين بن محمد بن أحمد بن يحيى بن يحيى بن الناصر بن الحسن بن عبد الله بن الإمام المنتصر بالله محمد بن الإمام المختار لدين الله القاسم بن الإمام الناصر لدين الله أحمد بن الإمام الهادي إلى الحق القويم يحيى بن الحسين $ - من أجلِّ الكتب التي أُلِّفَتْ بهذا الفن على معتقد أئمتنا $ في المعارف الإلهية، وسائر مسائل الأصول الدينية التي يلزم المكلف معرفتها، ولا ينبغي لمسلم أن يجهل مقالهم فيها وأدلتها، ولم أكن قد وقفت على شرح له ينشر طوياته، ويظهر خفياته، ويبرز ما لمح إليه ذلك الإمام من غوامض الكلام، ويحرز ما جمعه ذلك الهمام من درر غوص أولئك الأعلام، الذين هم حجج الله على كافة الأنام، إلَّا ما كان وضعه شيخنا صفي الإسلام، وخاتمة المحققين في الكلام، تغشاه الله بواسع الرحمة والإكرام من