فصل: [معاني بعض الآيات المتشابهة]
  عنها باليد والعين والجنب وسائر الأعضاء، فما هذا حاله لا دلالة عليه، قال: وأبعد من هذا تهويس المشبهة من أن المراد بها ظاهرها من الأعضاء والجوارح الخ كلامه #.
  وقال # فيه(١) في أول مبحث التخييل ما لفظه: «اعلم أن هذا النوع من علم البديع من مَرامِي سهام البلاغة المسَدَّدَة، وعِقْدٌ من عقود لآلِيه وجُمَانه المبدَّدَة، كثير التَّدوار في كتاب الله تعالى والسنة الشريفة؛ لما فيه من الدقة والرموز، واستيلائه على إثارة المعادن والكنوز؛ ومِن أجل ذلك ضَلَّ مَن ضَلّ من الجَبْريِّة بسبب آيات الهدى والضلال، وعَمِلَِ مِن أجله على الانسلاخ عن الحكمة والانسلال، وزَلَّ من زَلَّ مِن المشبهة باعتقاد التشبيه، وَزَال عن اعتقاد التوحيد باعتقاد ظاهر الأعضاء والجوارح في الآي، فَارتطم في بحر التّمويه، فَهو أحقُّ علوم البلاغة بالإتقان، وأولاها بالفحص عن لطائفه والإمعان، ولَوْ لم يكن في الإحاطة به إلا السلامة عما ذكرناه من زيغ الجُهَّال، والخلاص من ورط الزيغ والضلال، لَكان ذلك بغية النظَّار، والضالَّة التي يطلبها غَاصَةُ البحار، فضلاً عما وراء ذلك من درر مكنونة، وأسرار فيه مودعة مخزونة؛ ومِن ثمَّ قال الشيخ النحرير محمود بن عمر الزمخشري نور الله حفرته: ولا نَرى باباً في علم البيان أدق ولا ألطف من هذا الباب، ولا أنفع لي عوناً على تعاطي المتشابهات من كلام الله تعالى وكلام الأنبياء، ولعمري لقد قال حقاً ونطق صدقاً». انتهى كلام الإمام #.
  ولنعود إلى تمام المقصود فيما نحن بصدده فنقول: قد عرفت أيها الطالب الرشاد أنَّ الآياتِ المشعر ظاهرها التشبيه لا يَحمِلُها على حسب الظاهر، ويَعتقدُ وصفَه تعالى بالجوارح والأعضاء والكون في الجهات إِلا المجسمةُ دون سائر فرق الإسلام، فلا يوافقهم أحد في ذلك، وإن اختلف أهل التنزيه والتوحيد في
(١) أي: في الطراز.