فصل: [معاني بعض الآيات المتشابهة]
  لانحصار وجوه العلاقة، وتعذر بعضها في بعض المحلات، أو لكونها علاقة بعيدة، فلا تستعمل، بخلاف التخييل فلا انحصار له، ولا يتعذر في أي موضع.
  ولا يقال: إنَّا(١) بهذا الكلام قد أبطلنا تأويلَ المتكلمين ورددناه بأصله.
  لأنا نقول: إنما أردنا بهذا بيان أنَّ تأويلَ البيانييِّن وأهل المعاني أَقربُ وأيسرُ وأظهرُ، لا أن تأويلَ المتكلمين باطلٌ من أصله، بل يكون في بعض المواضع أرجحَ وأظهرَ، كما في قوله:
  وما من يد إلا يد الله فوقها ... ولا ظالم إلا سيُبْلَى بظالم
  فإنه لَو سلك في هذا البيت مَسْلَكَ التخييلِ، وحُمِلَت الفوقيةُ واليدُ على معناهما الأصلي - لكان المعنى في الفصاحة والبلاغة دون ما إذا جعلنا اليد بمعنى القدرة، فتأمل. ولكل مقامٍ وجهٌ من ترجيحِ أحد المسلكَينِ على الآخر يَظهَرُ بالذوق والفهم عند التقادير المنبني عليها كل واحد من المسلكين، وبالله التوفيق.
(١) في الأصل «إن» والصواب ما أثبتناه.