الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

معاني اليد والجنب والوجه والعرش وغيرها الواردة في القرآن:

صفحة 241 - الجزء 1

معاني اليد والجنب والوجه والعرش وغيرها الواردة في القرآن:

  قال #: (فقل: يداه) في الآية الأولى (نعمتاه) من تسمية الشيء باسم آلته لَمَّا كانت اليدُ آلةً لإيصال النعمة إلى المنعَم عليه في الشاهد. ويقال: لفلان على فلان يد عظيمة، أي: نعمة، وتصح تثنيتها على هذا المعنى، قال الشاعر:

  ويدانِ بَيْضَاوَان عِنْدَ مُحَلَّمٍ ... قَدْ يَمْنَعَانِكَ أنْ تُضَامَ وتُهْضَمَا

  (وَيَدُهُ) في قوله تعالى: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}⁣[ص ٧٥] (قدرته) لكنها في الآية بصفة التثنية لَمَّا كانت القدرة في الشاهد محلها اليدين معاً. ويمكن أن يقاَل: أراد التخييلَ لَمَّا كانت الأعمال والإحداثات في الشاهد باليدين جميعاً؛ لأنا إذا جعلنا اليد بمعنى القدرة لزم تثنية القدرة لتثنية اليدين، فيحتاج إلى تكلف للتصحيح والتوضيح، كما قالوا في {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ}⁣[المائدة ٦٤]: أراد: نعمة الدنيا ونعمة الدين، أو نعمة الدنيا والآخرة، أو الظاهرة والباطنة، بخلاف ما إِذا جُعِلَ من باب التخييل فلا كلفة لتصحيحه.

  (والأيدي) في الآية الثانية وهي قوله تعالى: {مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا}⁣[يس ٧١] (هي القدرة والقوة أيضًا) عطف تفسيري؛ لأن القدرة والقوة بمعنى واحد. ومثل هذه الآية قوله تعالى: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْيدٍ}⁣[الذاريات ٤٧]. قال الناصر للحق #: «تُجمع التي بمعنى القُدرة على أَيْدٍ، والتي بمعنى النعمة على أَيَادٍ». حكاه شيخنا |، قال: وفي كلام أن الأول جمع قِلَّة، والثاني جمع كَثرة، ولا فرق، والإمام أصدق وأحق.

  قال: وتأتي اليد بمعنى الملك، يقال: الدار في يد فلان، أي: في ملكه. وتأتي اليد لغير ذلك.

  قلت: وذلك كاليد عند علماء الشريعة والحكام في قولهم: من كانت اليد له فالظاهر معه، يريدون بذلك ثبوت التصرف وكون القول قوله، وعلى الخصم المنازع في الملك البرهان.