مقدمة: [في فضل هذا العلم]
مقدمة: [في فضل هذا العلم]
  اعلم وفقك الله أن الخَلْقَ المصدقين بالله تعالى ورسله واليوم الآخر على اختلاف شرائعهم ومذاهبهم الفروعية فيما اختلفوا فيه، واتفاق معتقداتهم الأصولية فيما اتفقوا فيه - تَتَفَاضَلُ درجاتهم عند الله ø، وتتفاوت مراتبهم في الثواب بين الجزيل والأجزل، فأرفعهم درجة عنده تعالى أعرفهم به، وأشدهم خوفاً وحياءً منه، وأقواهم إيماناً وإيقاناً، وأثبتهم استدلالاً وإمعاناً، وأمكنهم طمأنينةً وإذعاناً، وأنهضهم برهاناً وسلطاناً على من جحده تعالى أو ألحد في توحيده، أو ارتاب في عدلِهِ وصِدْقِ وعدِهِ ووعيدِهِ، وأعْرقهم معرفةً بكيفية إبطال شبه الإلحاد والتعطيل، وأكثرهم بحثاً ونظراً في معرفة معاني المتشابه الذي يجعله أهل الزيغ والضلال حججاً على أهل التوحيد والتعديل، وما يتبعهما من مسائل النبؤات والإمامة والتفضيل والشفاعة وسائر أحوال المعاد بالإجمال أو التفصيل، فمن هنا كانت الملائكة والأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أفضل الخلق عند الله، وأقربهم إليه، وأرفعهم درجة لديه، ثم أوصياء الأنبياء، ثم الصديقون، ثم الشهداء، ثم سائر المؤمنين، على حسب تفاوت مراتبهم في العلم بالله تعالى والخشية له والفرار من موجب عقابه، والمبادرة إلى ما يوجب زيادة معرفته تعالى ونيل ثوابه، ما ذاك إلا لتفاوتهم في السبب المقتضي لتلك المفاضلة، والأمر المفضي بصاحبه إلى أيِّ مرتبة من المراتب العالية أو النازلة؛ ومن ثمة قال تعالى: {هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ}[آل عمران ١٦٣]، وقال تعالى: {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا}[الأحقاف ١٩]، وقال: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ}[الأنعام ١٢٤]، وقال تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ}[البقرة ٢٥٣]، وقال تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلآَئِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ}[آل عمران ١٨]، فلم يَعتدَّ سبحانه وتعالى بشهادة غير أولي