[فصل] في الكلام في أن الله سبحانه وتعالى لا تجوز عليه الرؤية بحال من الأحوال
  القلوب بحقائق الإيمان)، إلى غير ذلك من المعاني واللطائف التي لَو اشتغلنا باستخراجها من هذه الجملة اليسيرة لَطال الكلام، ولله سر في أئمتك الأعلام.
  نعم، والقول بِأنه ø لا تَصِحُّ رؤيتُه بالأبصار هو مذهب جميع العترة الطاهرة شموس الدنيا وشفعاء الآخرة، وهو قولُ سائر الزيدية، والمعتزلة، وجميع أهل العدل من الإمامية وغيرهِم، وهو قولُ النَّجارية مِن المجبرة، والخوارج وأكثر الفرق الداخلة في الإسلام والخارجة عنه، وحكاه الإمام المهدي # في القلائد وابن حابس في الإيضاح عن المرجئة، وفي هذه الحكايةِ عنهم نَظرٌ؛ لأن أكثرَهم أشاعرة، وكلُّ أشعري مرجئ ولا عكس، ويمكن أن ذلك قولُ بعض المرجئة، فحق العبارة: «وهو قول بعض المرجئة».
  والخلاف في هذه المسألة مع المجسمة والأشعرية وضرار بن عمرو.
  أمَّا المجسمة فبناءً على أصلهم مِن أنَّه تعالى جسم، والجسم يُرى بلا نزاع؛ فلذلك نص أئمتنا $ أنه لا كلام لنا معهم في هذه المسألة.
  وأما الأشعرية فَلمَّا وافقونا في أنه تعالى ليس بجسم ولا عرض كَانَ مِن حق الكلام أَنْ لا يخالفوا في عدم صحةِ رؤيته تعالى، لَكنهم تَركوا هذا الأصل المعلوم إلى أن قالوا: «يُرى بلا كيف» فراراً منهم من لزوم التجسيم. ومثلُ مقالِهم مقالُ ضرار بن عمرو، لَمَّا لم يكن المعلوم إِلا المدرَك بإحدى الحواس الخمس ليس إلا جسماً أو عرضاً وليس ذلك من مذهبه ذَهبَ إلى القول بِأنه تَعالى يُرى في الآخرة بحاسةٍ سادسة. والكل فرارٌ إلى فئة غير منيعة، واغترار بسراب بقيعة. واتفقوا على أن الرؤيةَ بلا كيف إنما هي في الآخرة، وأنها للمؤمنين ثواباً لهم، دون الكافرين فيُحرَمونها عقاباً لهم، وخالفهم المجسمة فأثبتوها بالتكييف، وفي الدارين، وللمؤمنين والكافرين، كسائر الأجسام لا تخصيص في رؤيتها بوقت دون وقت، ولا شخص دون شخص.
  هذا وقد عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أن المسألة لا تحتاج إلى استدلال بعد تحقيق الكلام على أنَّ