الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[موضوع علم الكلام]

صفحة 28 - الجزء 1

  بذاته، بمعنى أنه لا يحتاج إلى غيره يجعله قديماً، والمحدَث يحتاج إلى مُحدِث، والشيء لا يُحدِث نفسه، والضدان لا يجتمعان، والنقيضان لا يجتمعان ولا يرتفعان، والمختلفان يصح فيهما الاجتماع والارتفاع، والمثلان يسد كل واحد منهما مسد الآخر، والجسم يقوم بنفسه، ولا يخلو عن العرض، ولا بد له من حيز يكون فيه، ويجوز عليه التجزؤ والانقسام، ويستحيل عليه الكون في جهتين في وقت واحد، والعرض لا يقوم بنفسه فلا بد له من جسم يقوم به، وما حلَّه المحدَث فهو محدَث مثله، إلى غير ذلك من القواعد الكلية التي لا تنتقض أصلاً، والقوانين العقلية التي تُعْرَفُ صحةُ كل شيء أو فسادُه برده إليها.

  وقولنا: «وما يترتب عليهما» نريد به إدخال مسائل النبوة والإمامة والوعد والوعيد، والمنزلة بين المنزلتين، والشفاعة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأحوال المعاد، إلى غير ذلك مما يذكر في هذا الفن. قال القاضي العلامة أحمد بن يحيى حابس ¦: ونعني بالتَّرَتُّبِ: التَّرَتُّبَ الأخص بحيث لا يصير أحدهما أصلا والثاني فرعاً؛ فلا يرد دخول مسائل الشرع الفرعية في قيد الترتب.

  قلت: وفي تفسيره الترتب الأخص بقوله: «بحيث لا يصير أحدهما أصلاً والثاني فرعاً» نظر؛ إذ من المعلوم أن العدل والتوحيد أصلان يتفرع عليهما جميع ما ذكر، فالقياس تفسير الترتب الأخص باللزوم اللازم عنهما⁣(⁣١) لزوماً أوليًّا بحيث يشاركهما في وجوب الاعتقاد والتصديق، ويصير الجميع أصولاً يجب معرفة كل واحد منها على حدته.

[موضوع علم الكلام]:

  وأما موضوعه الذي يستمد منه: فهو المشاهدات والمعقولات بإجالة الفكر فيها لإعمال⁣(⁣٢) تلك القواعد، وإجراء تلك القوانين المذكورة. وبعضه يستمد مع


(١) أي: عن العدل والتوحيد.

(٢) «بإعمال» نخ.