الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[فصل] في الكلام أن الله واحد وأنه لا إله إلا هو سبحانه وتعالى

صفحة 297 - الجزء 1

  فيها غيرُه على الحد الذي اتَصف بها، وهذا هو المرادُ من المسألةِ، ومن الحصر في قولنا في الدعاء: اللهم أَنْتَ الواحد، أيْ: لا غَيرُك.

  قلنا: «بجميع صفات الكمال» يحترز من الاتصاف بِبعضٍ منها، فإنه لو اتصف ø ببعض منها لم يكن هو الإله، ولم يكن من وصفه بذلك موحداً. وَقد مَرَّ أنها⁣(⁣١) قادر على كل المقدورات، وعَالِم بكل المعلومات، وحي دَائم لم يزل ولا يزول.

  وقلنا: «على وجهٍ يَستحيلُ أَنْ يشاركَه فيها غيرُه ..» الخ ليس القصدُ به الاحترازَ لِمصيره تعالى واحدًا عن الاتصاف بها على وجه لَا يَستحيلُ معه المشاركة؛ فإنه تعالى يوصف بأنه واحدٌ ولو انتفى المشارك انتفاء جواز كما في نبوة محمد ÷، فإنه انتفى أن يشاركَه فيها غيره، فهو نبي واحدٌ مع أنَّ نفيَ نبوة غيره جوازاً، بمعنى لا يستحيل أن يوحي الله إلى غيره فيكون نبيئاً؛ فعرفت أن القيدَ المذكور⁣(⁣٢) ليس لِلاحتراز في مصيره تعالى واحداً، لَكن لَمَّا قامتْ الأدلةُ القاطعةُ على أنه يَستحيل وجودُ مشاركٍ له فيها على الحد الذي اتصف بها لَزِم ذكره⁣(⁣٣) لِلتنبيه على وجوب اعتقادِ ذلك، وللإفادة أنَّ من لم يعتقد ذلك فَليس بِموحدٍ.

  وقلنا: «على الحد الذي اتصف بها» نعني به من كونِه قادراً لذاته لا لفاعل ولا لعلة ولا لمعنى، وعالم لذاته، وحي وموجود وسميع وبصير كذلك، فَذُكِرَ لِلاحتراز عما لو فرض أنها لشيء مما ذكر لم يكن واحداً؛ لأن غيره كذلك من سائر القادرين والعالمين، فليس هذا كالقيد الذي قبله في هذا الاعتبار، ويتفقان في أن من لم يعتقده تعالى على حسب ما ذكر فليس بموحد.


(١) أي: جميع صفات الكمال.

(٢) أي: على وجه يستحيل ... الخ.

(٣) أي: القيد المذكور.