الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[فصل] في الكلام أن الله واحد وأنه لا إله إلا هو سبحانه وتعالى

صفحة 303 - الجزء 1

  عليه جمهور أئمتنا $ ومَن وافقهم في عدم القول بذلك. وإِمّا أنْ تثبت ماهياتُها الحقيقية: فإِما أن تجعلَ قائمة بذات الله تعالى كما هو مصرح به في أقوال المجبرة، فمع القول بقدمها كما هو مصرح بِه في أقوالهم أيضاً يلزم أن تكونَ ذاته المقدسة مركبة من متعددات بالذات مختلفة بالماهيات، فيكون حينئذ تعالى عن ذلك ذاته المقدسة بمنزلة الجسد من الإنسان، وتكون القدرة والعلم والحياة بمنزلة هذه المعاني في الإنسان، وبمنزلة الناطقية والإرادة والكراهة منه، وهذا عند النظر والتحقيق باطل من وجوه:

  أحدها: لُزوم التركيب المفتقر إلى فاعل حكيم قدير عليم حي متقدم عليه تعالى، فإمَّا هو سبحانه وتعالى لَزم المحال؛ من حيث إنه يلزم أن يكون تعالى بعض مخلوقاته، وإمَّا غيرُه فَهو أبعد؛ لاستلزامِ فاعل غيره قادر عليه عالم حي قديم، ويرد السؤال في كيفية اتصافه بهذه الصفات ويتسلسل، ولاستلزام كونه تعالى مقدوراً لغيره.

  وثانيها: لُزوم الحاجة عليه تعالى إلى تلك المعاني، وقد مر أنه تعالى غني عن كل شيء.

  وثالثها: لزوم المشابهة بينه وبين غيرِه من سائر الناس وسائر الحيوانات، حيث كان فيه تعالى من المعاني ما فيها.

  ورابعها: نقضُ التوحيد، حيث كان تعالى بمنزلة الإنسان وبمنزلة القدرة والعلم والحياة؛ لأن هذه أشياء متعددة في نفسها، فمتى أثبتت لله تعالى لم يكن واحداً في ذاته، بل مركباً من أمور متعددات.

  لا يقال: إِن قيامَ هذه المعاني بالإنسان لا يقتضي تعداده في نفسه، بل هو إنسان واحد وإن تعددت فيه هذه المعاني وقامت به، فكذلك الباري تعالى، فلا ينتقض التوحيد في حقه تعالى بذلك.

  لأنا نقول: إنما كان هذا لا يقتضي التعداد في الإنسان من حيث كونه إنساناً