[مقدمة]
[مقدمة]
  (﷽، الحمد لله المختصِّ بصفات الإلهية والقِدم، المتعالي عن الحدوث والعَدَم) ابتدأ # بالبسملة وأتبعها بالحمدلة اقتداءً بكتاب الله العزيز، وعملاً بأحاديث الابتداء كلها، وقد ذكر منها شيخنا(١) صفي الإسلام بعضاً في سمط الجمان، وذكرها غيره؛ فلا نطيل الكلام بذكرها.
  ولأنه قد تقرر في العقول وجوب شكر المنعم؛ فيكون ذكر الله والبداية بالبسملة والحمدلة بعض ما يجب من أداء ذلك الشكر.
  وقد خالف أهل الجبر في وجوب شكر المنعم عقلاً، وإنما وجب عندهم بالسمع فقط، قال صاحب جمع الجوامع: وشكر المنعم واجب بالشرع لا بالعقل، ولا حكم قبل الشرع، بل الأمر موقوف إلى وروده، وحَكَّمَتِ المعتزلةُ العقلَ، إلى آخر كلامه. وهذه إحدى فواقرهم المتفرعة على القول بالجبر. ويقال لهم: إذا كان العقل عندكم لا يحكم باستحقاق المنعم الشكر كان طلبُ الباري تعالى من الخلق أن يشكروه طلبًا لِما ليس له ولا يستحقه؛ فيلزم تصويب الكفار في عدم شكرهم نعم الله تعالى، ولو كان كذلك لَما ورد الشرع بذمهم على ذلك، على أن العقلاء قاطبة يتفقون على مدح من أحسن إليهم وذم من أساء إليهم، بل ذلك جِبِلَّة في سائر الحيوانات؛ تميل إلى من أحسن إليها، وتنفر عمن أساء إليها، وبعضها يرجع إلى الإضرار به؛ ومن ثَمَّة يقال: جُبِلَت القلوب على حُبِّ من أحسن إليها وبُغْضِ من أساء إليها.
  وأما قوله: «وحَكَّمت المعتزلة العقل» فإنما أتى بهذه العبارة وقصر القول بشكر المنعم عقلاً على المعتزلة لقصد التحقير والتنفير عن ذلك القول، وإلا فهو
(١) القاضي أحمد بن عبد الله الجنداري.