في إدراك العقل حسن الشيء أو قبحه:
  الأربعة الاعتبارات، فلو أرجعناه إليه للزم التناقض، وهو ثبوت(١) صفة الكمال ونفيها(٢) فلا يصح إرجاع أفعاله تعالى إليه؛ لما قد علم من ثبوت صفات الكمال في الثلاثة الأضرب. هذا ولا يخفاك أنه نقص في التقسيم إلى الاعتبارات الخمسة المذكورة قسم سادس يمكن أن يجعل اعتباراً برأسه، وهو كون الفعل متعلقاً للمدح فقط عاجلاً أو آجلاً، أو الذم فقط كذلك فيدرك حسنه أو قبحه، ولعل أن الإمام # تركه لدخوله في صفة الكمال وصفة النقص، ويمكن إرجاع بعض أفعاله تعالى إلى هذا الاعتبار، وذلك فيما يتعلق بالخلق من التكليف والجزاء والتخلية والتناصف ونحو ذلك. ويمكن استخراج اعتبار سابع، وهو كون الفعل متعلقاً للثواب فقط عاجلاً أو آجلاً، أو العقاب فقط عاجلاً أو آجلاً فيدرك حسنه أو قبحه، ولعل الإمام # تركه لدخوله في الملائم والمنافر، أو لأنه يلزم مع الإثابة المدح، ومع العقاب الذم؛ فيدخل في الثالث والرابع.
  نعم، وإذا عرفت أن الضربين الأخيرين من أفعاله تعالى إنما يتصور وجودهما وحسنهما بعد وجود المكلفين من الملائكة والجن والإنس، بل بعد وقوع التكليف العقلي في الضرب الثاني، ومطلقاً في الثالث - علمت أن الجبر على الفعل وخلقه في العبد أو صرفه عنه ينافي التكليف المتوقف وجود هذين الضربين وحسنهما عليه، وهو متوقف على كون العبد فاعلاً لفعله باختياره، وعلمت أن كون العبد فاعلاً لفعله باختياره داع إلى وجودهما، وشرط في حسنهما؛ وإنما قلنا: إنه داع وشرط، ولم نجعله علة ولا مقتضياً ولا سبباً لوجودهما وحسنهما - لأن الارتباطات بين الأثر والمؤثر لا تعدو هذه الخمسة، حيث لم تكن من باب الفاعل والمفعول، ولا يصح أن يكون توقف وجودهما
(١) من حيث إن الثلاثة الأضرب أفعالٌ عظيمةٌ محكمةٌ لا تتأتى من غيره تعالى. (من خطه ¦).
(٢) من حيث إن مبنى ذلك الاعتبار - حسبما مرَّ - غير متعلق لمدح ولا ذم ولا ثواب ولا عقاب. (منه ¦).