في حسن الفعل أو قبحه:
  معاً، الأول في المقدمة عقيب ذكر العقل، والثاني في أول كتاب العدل. وفي القلائد، ومنهاج القرشي، وكثير من مؤلفات الأصحاب يستكفى بالثاني، ويدمج ما يلزم معرفته من الأول فيه. ولا غنية لمن أراد التحقيق والعض على المسألة بنواجذ التدقيق من معرفة الطرفين لتحصل النتيجة المطلوبة على التنسيق، وتتفرع صحتها على حسب تلك الاعتبارات بالتطبيق.
  فنقول - وبالله التوفيق -: قال أئمتنا $ ومن وافقهم من الزيدية وجمهور البصرية: ولا يقبح الفعل إلا لوقوعه على وجه: من كونه ظلماً أو كذباً أو عبثاً أو سفهاً أو جهلاً، وما يرجع إلى ذلك كتعظيم من لا يستحق التعظيم؛ فإنه يرجع إلى العبث والسفه، والإخلال بشكر المنعم؛ فإنه يرجع إلى الجهل والسَّفَه. ويحسن إذا عري عن ذلك.
  وحقيقة الظلم: هو الضرر العاري عن جلب نفع أو دفع ضرر زائد عليه أو استحقاق بسبب سابق من جهة المضرور. قلنا: «هو الضرر» جنس الحد. وقلنا: «العاري عن جلب نفع أو دفع ضرر زائد عليه» نحترز به عما إذا وقع الضرر لجلب نفع أَزْيد كضرر السفر لطلب الربح في التجارة ونحوه، وكضرر الفصد ونحوه لدفع ما هو أضر بالبدن منه - فإن ذلك حسن. ويكفي في حسن ذلك ظن حصول النفع الأكثر، وظن دفع الضرر الأكثر، وقلنا: «أو استحقاق الخ» ليخرج الضرر الحاصل بالقصاص ونحوه مما هو مستحق على المضرور فإنه ليس بظلم.
  وحقيقة الكَذِب: الخبر الذي لا يكون مخبره مطابقاً له.
  وحقيقة العبث: هو الفعل الواقع من العالم به عارياً عن غرض صحيح، كنقل الماء من بئر وإرجاعه إليها، ونقل الحجارة من موضع وإرجاعه إليه.
  وحقيقة السَّفَه: هو ضدُّ الحلم والتخلقُ بالرذائل، ككثرة المزح والخلاعة، وكشف العورات، والبول في الأزقة المسلوكة، ونحو ذلك.
  واشترط الشيخان أبو علي وأبو هاشم في قبح الظلم صدورَه من العالم به مع