الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

في حسن الفعل أو قبحه:

صفحة 343 - الجزء 1

  قيل: وقول الإخشيدية يرجع في المعنى إلى ما قاله الشيخان من أن شرط القبح صدوره مع القصد من العالِم؛ لأن الإرادة هي القصد في الشاهد.

  وأجيب عليه: بأنه غير مسلم؛ لأن الشيخين يعللان القبح بما ذكر من الوجوه المذكورة في صدر المسألة، ويجعلان القصد شرطاً فقط، والإخشيدية يعللون القبح بنفس القصدِ - وهو الإرادة - فافترقا، ولا ثمرة للخلاف إلا لو لم تعتبر الإخشيدية تلك الوجوه بالمرة، ومن البعيد أن يلغوها عن الاشتراط إن لم يعتبروها في التأثير. فصار قول العدلية آيلاً إلى معنى واحد، وهو إناطة القبح بتلك الوجوه: تأثيراً في قول، وشرطاً في آخر، لكنه حكى في الأساس عن البغدادية وبعض الإمامية أنهم يقولون: الأصل في مطلق الأفعال الحضر، فإن أرادوا بذلك ما عدا ما قد أدرك العقل فيه جهة حسن أو قبح بخصوصه - كما هو مفاد عبارة غاية ابن الإمام @ - فهو لا ينافي تعليل ما قد أدرك قبحه بما مر من الوجوه المذكورة، وإن أرادوا أن حكم الأفعال من حيث هي الحظر والقبح - كما يقتضيه ظاهر الإطلاق عنهم - فهو بعيد جدا؛ لما ذكرنا من لزومه تقبيح جميع الأفعال حتى العدل والإنصاف قبل ورود الشرع حتى يرد الإذن الشرعي والتعيين من الشارع لما هو قبيح أو حسن؛ فهو أدخل في البطلان من قول الأشعرية؛ لأنهم قد سلموا حُسن ما لاءم وقُبح ما نافر، وحسن ما كان صفة كمال وقبح ما كان صفة نقص، ويقولون في ما لا يدرك العقل فيه جهة حسن ولا قبح بالوقف حتى يرد الشرع بتعيين حكمه.

  والجمهور من العلماء وعليه اتفاق أئمتنا $ أَنَّ الأَصْلَ فيما لم يكن قد أدرك العقل جهة حسن ولا قبح بخصوصه بأحد الاعتبارات المذكورة في الطرف الثاني الذي مر قبل هذا - الِإبَاحَةُ؛ ولهذا استدرك شارح الأساس الإمام الشرفي # على


= القبح الإرادة نفسها فلا دور. (مفتاح السعادة).