الأدلة العقلية على أن أفعال العباد منهم
  والاستهزاء، والثواب والجزاء، فكيف يكون ذلك من العلي الأعلى؟!) وهذا أحد الأدلة التي يذكرها الأصحاب على أن أفعال العباد منهم لا من الله تعالى، وتحريره ينبني على أصلين:
  أحدهما: أن الإنسان يلحقه حكم فعله من المدح والثناء الخ ما ذكره #.
  والثاني: أنها لو كانت من الله تعالى لما وجبت فيها هذه القضية.
  أما الأصل الأول: فهو معلوم ضرورة بلا نزاع ولا اختلاف.
  وأما الأصل الثاني: وهو أنه لو كانت من الله تعالى لما صحت فيها هذه القضية فهو أيضاً معلوم؛ لأنها لو كانت من الله تعالى لكانت بمثابة صورنا وألواننا، فكما لا يحسن في الصور والألوان شيء من ذلك كان يجب لأفعالنا لو كانت من الله تعالى ألاَّ يحسن عليها ولا يقع أمر ولا نهي ولا مدح ولا ذم ولا ثواب ولا عقاب، ولمَّا علمنا تعلق الأمر والنهي ونحوه بأفعالنا دون صورنا وألواننا عَلِمْنَا يقيناً الفرق بينهما، ولا يصح أن يكون المرجع بهذا الفرق إلى شيء غير أن أفعالنا صادرة منا دون الصور والألوان، وهذا هو القياس المسمى في لسان الأصوليين قياس العكس، وهو أن يثبت للفرع نقيض حكم الأصل، فالأصل فيما نحن بصدده الصور والألوان، والفرع أفعالنا، والعلة التي ترتب عليها الحكم هي أن الصور والألوان لا يصح تعلق الأمر والنهي ونحوهما بها، عكس الأفعال الصادرة من جهتنا، وحكم ثبت للأصل الذي هو الصور والألوان أنها ليست من فعلنا معلل هذا الحكم بكونها لا يصح تعلق الأمر والنهي ونحوهما بها، فيجب أن يثبت للفرع نقيض حكم الأصل لما وجد فيه نقيض علة حكم أصله، فيثبت الحكم أن أفعالنا مِنِّا لا مِنَ الله تعالى.
  يزيده وضوحاً على طريق المناطقة في القياس الاستثنائي أن يقال: لو كانت أفعال العباد من الله تعالى لما صح الأمر والنهي ونحوهما بها، ثم بعد ذلك إما أن