[فصل:] في الكلام في أن أفعال العباد منهم لا من الله تعالى
  الأشعرية، ودعوى أنه من أهل السنة والجماعة، قد أنكر الوصيّ # وصايته، وجحد كل إمام من أبنائه مرتبته، ووالى ابن أبي سفيان وفئتة الباغية، وأنكر على من يتبرأ من ذلك الطاغية، وصحح إمامة من بغى على كل إمام من العترة الزكية، منذ قام أولُ من اقتفى منهج الخمسة المعصومين، فرعُهم الولي ابن الولي، أمير المؤمنين زيد بن علي بن الحسين بن علي $ إلى زمنك الذي أنت فيه، اللهم إلا أن تلجئه الضرورة - عند أن يمن الله بنصرة الإمام فيغلب على الجهة التي فيها ذلك الأشعري - إلى إظهار القول بإمامته أظهر القول بها وبمباينة عدو الإمام، والله أعلم بسريرته، مع كونه مجانباً مذهبه، وبمعزل عن عقيدته وطريقته، يلتقط المعايب من سيرته، ويتناسى المحاسن من سجيته، قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر، ولا يُنَبِئُكَ مِثْلُ خبير. فثبت بجميع ما ذكرنا أن أفعال العباد منهم لا من الله تعالى.
  وبقي فروع وأطراف تتعلق بالمسألة ينبغي معرفتُها، وتقريرُ الكلام على أدلتها.
  الأول: قال أكثر العدلية: والمتولد من فعل العبد فَعَلَهُ، وقد خالف في ذلك الجاحظُ، فنقل عنه الأصحاب: أنه لا فعل للعبد إلا الإرادة وما عداها متولد بطبع المحل، هكذا أطلقوا عنه الرواية، ولعل مراده في نفس المتولد لا في المباشر كالقيام والقعود ونحوهما فلا يتأتى عنه إنكار كون العبد فاعلاً لذلك؛ لأنه معدود من العدلية المعتزلة، وإن كان ظاهر إطلاق الروايات والرد عليه بالاحتجاجات من الأصحاب يوهم ذلك. وهو أبو عثمان عمرو بن بحر بن محبوب الكناني الليثي البصري، قال ابن خلكان: صاحب التصانيف في كل فن، له مقالة في أصول الدين، وإليه تنسب الفرقة المعروفة بالجاحظية من المعتزلة، وكانت وفاة الجاحظ بالبصرة سنة خمس وخمسين ومائتين.
  والنَّظَّام نقلوا عنه أن ما خرج عن محل القدرة ففعل الله جعله طبعاً للمحل.