[فصل:] في الكلام في أن أفعال العباد منهم لا من الله تعالى
  أو نسبهما إلى الظلم والفسق ونحوهما كاذباً أو متجوزاً.
  ولما أُلزموا هذا الإلزام الذي لا محيص لهم عنه أرادوا دفعه بأن قالوا: الظالم، من حله الظلم لا من فعله.
  قلنا: وكذلك يقال: والقاتل من حله القتل؛ فينقلب المقتول قاتلاً، والخالق من حله الخلق؛ فيصير المخلوق خالقاً، ونحو ذلك. وقد حكى السيد هاشم بن يحيى هذه المقالة عن السعد، ونقل عنه أنه قال في شرح المقاصد في نقل احتجاج المعتزلة من السمع: وذلك أنواع، منها: إسناد الأفعال إلى العباد بكل لفظة تفيد الإيجاد: من الفعل، والصنع، والكسب، والجعل، وسائر ما يعبر به عن الإيجاد، كما اشتمل عليه الكتاب العزيز من قوله تعالى: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ... إلى يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ}.
  قال: والجواب: أنه لما ثبت بالدلائل السالفة أن الكل بقضاء الله وقدره وجب حمل تلك الألفاظ على أنها مجازات عن السبب العادي، أي: من صار سبباً عادياً للأعمال الصالحات، وعلى هذا القياس، أو أن الإسنادات مجازات؛ لكون العبد سبباً لهذه الأفعال، كما في بنى الأمير المدينة، هذا في غير لفظ الكسب فإنه يصح على حقيقته، والخلق فإنه بمعنى التقدير، والجعل فإنه بمعنى التصيير، وهو لا يستلزم إيجاد أمر محقق. انتهى.
  ثم رد عليه السيد ¦ بقوله: ولا يخفى ما في الجواب من التعسف، واطراد حمل إسناد الكتاب العزيز من أوله إلى آخره على المجاز، وتخصيص لفظ الكسب بحمله على الحقيقة مع أن مفهومه مفهوم غيره من تلك الألفاظ، وأما معناه الاصطلاحي عندهم فلم يعقل فضلاً عن أن يكون معناه اللغوي. وقد ترقى في حاشية الكشاف وغيرها إلى أن الفعل مسند حقيقة إلى من قام به، لا إلى من أوجده، والكافر والجالس من قام به الكفر والجلوس، لا من أوجدهما كما تقدم نقله عنه في مسألة: والله تعالى لا يفعل القبيح. ثم قال السيد ¦ ما لفظه: إذا عرفت هذا