[فصل:] في الكلام في أن أفعال العباد منهم لا من الله تعالى
  أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ ٦٤}[الواقعة].
  رابعاً: استثناؤه الكسب المذكور في الآيات الكريمة في قوله تعالى: {بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}[الجاثية ١٤] ونحوها، وكذلك استثناؤه الخلق والجعل، فجعل الإسناد إلى العبد في هذه الثلاثة حقيقة، فيقال له: وما تريد باستثناء إسناد هذه الثلاثة من بين جميع صيغ الأفعال، هل لكون العبد فاعلاً لها حقيقة؟ - خرجت من مذهبك، أم لكونه اكتسبها فقط والفاعل لها حقيقة هو الله تعالى؟ - لم يظهر للاستثناء ثمرة، أم تقول إن المراد اتفاق الجهة التي أسند الفعل فيها إلى العبد، وهي ما أريد [به](١) من الوضع اللغوي؟ فيلزم أن الله تعالى مكتسب؛ لأنه فاعل الكسب، والعبد كذلك مكتسب، فهما شركة فيه، ويلزم أن الإنسان خالق؛ لأنه أحد المستثنيات، ويلزم عدم الفرق في الجعل لأنك عددته من جملة المستثنيات التي إسنادها إلى العبد حقيقة، مع أنك لا تنكر إسناده(٢) إلى الله تعالى حقيقة فيما يتعلق بأفعال العباد، فبيّن لنا الفرق [المعنوي](٣) بينهما؟ ولعلك تقول: الفرق بعد ذلك أنا نسمي ما أوجده الله تعالى من الجعل خلقاً، ونسمي ما أوجده العبد منه كسباً.
  قلنا: هذا فرق لفظي صناعي لا يعول عليه في المجادلات والمحاورات؛ لأنا سألناك أن تبين لنا الفرق في المعنى فأجبت لنا أنك ستسمي ما وجد من جهة الله خلقاً وما وجد من جهة العبد كسباً، وهذا ما كان ينفع إلا لو قد تميز في المعنى ما هو الذي من جهة الله فتسميه بعد ذلك خلقاً، وما هو الذي من جهة العبد فتسميه كسباً.
  خامساً: فيما حكاه السيد | عنه في آخر الكلام عن حاشية على الكشاف من قوله: إن الفعل مسند حقيقة إلى من قام به لا إلى من أوجده، فالكافر والجالس من قام به الكفر والجلوس لا من أوجدهما. يقال فيه ما مر إن المقتول
(١) نخ.
(٢) في (ب): إسنادها.
(٣) ما بين المعكوفين من (أ).