[فصل:] في الكلام في أن أفعال العباد منهم لا من الله تعالى
  الآن في منزلة أن ينازعونا في وجود الإنسان بمجرد وجود الجسم.
  فإن قلت: مآل هذا الجواب التسليم بأن أفعال العباد بقضاء الله وقدره دون أن يكون بخلقه وإرادته، فما معنى القضاء والقدر اللذين وقع هذا التسليم بناءً عليه؟
  قلت: سيأتي لذلك فصل مستقل في كلام المؤلف # في المختصر.
  إلزام: يقال لهم: ألستم تحبون أن تحمدوا على الإيمان وفعل الطاعات؟ فلا بد من بلى، فيقال: إن الله تعالى يقول: {لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنْ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[آل عمران ١٨٨]، ويقال: أليس الله تعالى نفى عن نفسه الظلم والكذب والعبث؟ وعندكم أنه لم يقع شيء ولا يدخل في الوجود الخارجي إلا بفعله وإرادته، فصار نفيه تعالى عن نفسه وتمدحه به محض الكذب، ولا ينفعهم دفع ذلك بما حرفوه من معنى الظلم بأنه التصرف في ملك الغير؛ لأنه إن أمكنهم التعسف والتحريف له عن موضعه لم يمكنهم ذلك في الكذب والعبث، على أنه يصير المعنى بذلك التحريف كالتمدح بترك فعل المحال؛ لأن كل جسم في الخارج ملك له، ولا وجود لمملوك لغيره، فكيف يتمدح بترك التصرف فيما لا وجود له؟ ويقال: إن محمداً ÷ ادعى النبوة، وصدقه الله تعالى بإظهار المعجز على يديه، وقال له قومه: صدقت. وثبت أن مسيلمة الكذاب ادعى النبوة وقال له قومه: صدقت. وكلا التصديقين من فعل الله تعالى؛ فيجب أن يكونا صادقين، فما الفرق حينئذ بين محمد الصادق الأمين ومسيلمة الكذاب اللعين؟!
  لا يقال: إن محمداً ÷ زائد على مسيلمة بإظهار المعجز على يديه ÷.
  لأنا نقول: إن زيادة المعجز في أحدهما بعد التصديق لهما جميعاً بالقول بمثابة انضمام القرينة إلى الإقرار، فتصير بمنزلة الفضلة، أو بمنزلة شاهد ثالث بعد كمال نصاب الشهادة، فقد لزم صدق الجميع وإن زاد أحدهما بالأمارة التي لا