الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[فصل:] في الكلام في أن أفعال العباد منهم لا من الله تعالى

صفحة 434 - الجزء 1

  قلنا: ليس في الآية أن الصرف هو الهزيمة⁣(⁣١) التي نهاهم الله عنها، ويجوز أن يكون المراد به التخلية بينهم وبين الكفار، وإزالة النصر ووقوع الفشل بسبب التنازع وعدم طاعة الرسول ÷ بما أمرهم به من الثبوت على المواطن التي ألزمهم القيام والثبات فيها، وفي الآية وجوه غير ذلك، والغرض الاختصار.

  قالوا: قال تعالى: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ}⁣[إبراهيم ٣٥].

  قلنا: المعنى اعصمني بالتوفيق والهداية إلى الأدلة الدالة على قبح عبادة الأصنام، حتى تُبغض إليَّ عبادتها فأجتنبها، فهو من تسمية الشيء باسم ما يتسبب عنه، ونحو ذلك كثير، كقوله: {وَكَرَّهَ إِلَيْكُمْ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ}⁣[الحجرات ٧]، أي: فعل فيكم من الألطاف والتوفيقات ونصب الأدلة ما عنده تكرهون الكفر والفسوق والعصيان، وبعد، فقد قال بعدها: {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ}⁣[إبراهيم ٣٦]، فلو حمل الكلام على ظاهره لتناقض؛ لأن الإضلال إذا أسند إلى الأصنام بطل أن يكون من الله تعالى، وفي ذلك نقض الجملة المحتج بها. وشبههم كثيرة، من أرادها فعليه بالبسائط، وقد ذكر القرشي ¦ والإمام المهدي # في الغايات شطراً منها.


(١) في (ب): العزيمة.