[فصل]: في الكلام في أن الله ø لا يعذب أحدا إلا بذنبه ولا يثيبه إلا بعمله
[فصل]: في الكلام في أن الله ø لا يعذب أحداً إلا بذنبه ولا يثيبه إلا بعمله
  وتسمى هذه المسألة مسألة المجازاة، وهي أن الله تعالى يجازي كل نفس بما أسلفت. والكلام في هذه المسألة في طرفين:
  أحدهما: في الجواز.
  والثاني: في الوقوع.
  أما الطرف الأول: فالخلاف فيه لأهل الجبر بأجمعهم، فقالوا: إنه يجوز أن يعذب المؤمنين من الأنبياء والأولياء والأصفياء بذنوب الكفار من الفراعنة والمشركين والأشقياء؛ لأنه غير منهي ولا يقبح منه قبيح.
  وأما الطرف الثاني: فذهبت الحشوية منهم إلى أن الله تعالى يعذب أطفال المشركين بذنوب آبائهم.
  والذي عليه أهل العدل قاطبة: أنه لا يجوز ولا يقع شيء من ذلك.
  قال #: (فإن قيل) لك أيها الطالب الرشاد: (أربك يعذب أحداً بغير ذنبه؟) أو يثيبه بغير عمله؟ (فقل: لا، بل لا يعذب أحداً إلا بذنبه) ولا يثيبه إلا بعمله، وإنما تكلم المؤلف # في العقاب(١) دون الثواب إيثاراً للاختصار، واستكفاءً بذكر أحد الطرفين عن الأخر(٢)، وملاحظة لتنزيه الله تعالى عن فعل الظلم والجور، بخلاف مسألة الإثابة لمن لا يستحق الثواب، فغايته تعظيم من لا يستحق التعظيم، وهو وإن كان قبيحاً عقلاً فهو دون تعذيب من لا يستحق العقاب في القبح؛ لما فيه من الظلم والجور والإهانة لمن لا يستحقها. ولا بد من الإشارة إلى الفرق بين الإثابة والتفضل؛ لأن التفضل لا يستقبح عقلاً، بل
(١) في (أ): على العقاب.
(٢) في (أ): وإثاراً وملاحظة.