الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

ما يصح نسبته إلى الله تعالى:

صفحة 447 - الجزء 1

  يأمرهم بها أو يلزمهم إياها، واختلفوا هل قضى بالمعاصي بمعنى خلقها وأرادها منهم أم لا؟ فمنعه أهل العدل، وأثبته أهل الجبر.

  وأما الطرف الثاني: فإن كان بالنسبة إلى الطاعات فمقتضى القاعدة أنه لا يجوز إطلاق اللفظ بأنها بقضاء الله من دون قيد؛ لإيهام أنه خلقها فيهم، ويجوز بالقيد بأن يقال: قضى الله تعالى بالطاعات، أي: أمر بها وألزم، أو حكم بها، أو أعلم، أو نحو ذلك مما يدفع الإيهام أنه خلقها فيهم وأوجدها دونهم. وإن كان بالنسبة إلى المعاصي فمنعه جمهور العدلية؛ لإيهامه الخطأ بأنه خلقها وأرادها منهم، إلا ممن ثبتت عصمته كالنبي، قالوا: ولو كان الإنسان لا يقصد بها إلا المعنى الصحيح؛ لأن في ذلك تعريض النفس للتهمة، ولو من الملائكة والجن. واعترضه السيد العلامة الحسن بن أحمد الجلال في حاشيته على القلائد، ونصره السيد العلامة هاشم بن يحيى في تعليقه بأن الممنوع: إنما هو مع إرادة المعنى الفاسد دون مجرد إطلاق اللفظ، واستشهد له بما فهم من عبارة الأساس وشرحه: قالت العدلية: ولا يجوز أن يقال: المعاصي بقضاء الله بمعنى خلقها في العباد أو ألزم بها خلافاً للمجبرة الخ. واستدل له بما ورد في الكتاب والسنة من إطلاق القضاء والقدر بلا قيد، قال: والآيات الواردة في ذلك نحو مائة آية والأحاديث بلغت إلى مائتين وسبعة وعشرين حديثاً، قال: ولو أن⁣(⁣١) الألفاظ الصحيحة المعاني يمنع من إطلاقها على معانيها الصحيحة توهم بعض المخذولين للخطأ فيها لوجب ترك المتشابه من كتاب الله تعالى، وطرح جميع الأحاديث الموهمة للمعنى الفاسد في سنة رسول الله ÷، بل لم يجز من الله سبحانه استعمال ذلك رأساً ... الخ ما ذكره.


(١) في (ب): وإن كان.