معاني القدر:
  سيفعل ثم كشف أن الله هو الذي فعل ذلك فيه، فما أجابوا به فهو جوابنا، وهذا كلام جيد لا غبار عليه.
  وتحقيقه: أن العلم سابق غير سائق، ولا أثر له في تحصيل المعلوم، بل الأثر في ذلك هو للفاعل المختار، وكون أفعال العبد(١) واقفة على اختياره مما يعلم ضرورة بإقرار الخصم، وحينئذ فيكفي في المطابقة أن يفعل العبد الفعل مختاراً. ويزيده وضوحاً أنه لا خلاف أن الله تعالى عالم بما سيفعله تعالى من إنزال الأمطار، وإنبات الثمار والأشجار، والإحياء والإماتة، وكخلق نفس السماوات والأرض وسائر ما فيهما، وما سيفعله في الآخرة من البعث والثواب والعقاب وخلقه الجنة والنار وسائر أفعاله تعالى، فكما أنه لا يلزم أن يكون مجبوراً على ذلك ليطابق ما سبق في علمه تعالى، بل يكفي في المطابقة أن يفعلها مريداً لها - كذلك لا يلزم أن يكون العبد مجبوراً على فعله، ولا أن يخلقه الله فيه، ذكر معنى هذا المنصور بالله # في الشافي.
  نعم، ما ثبت من الكلام في القضاء من منع الإطلاق أو جوازه مع القيد حسبما مر تفصيل ذلك - هو ثابت في القدر، وإنما لم يتكلم المؤلف # على القدر استغناءً بذكر القضاء؛ لأنهما سواء، وإيثاراً للاختصار.
معاني القدر:
  والقدر يأتي لمعانٍ متعددة؛ فهو من جملة المتشابه الذي لا يجوز حمله على المعنى الذي لا يليق بعدل الله وحكمته، بل يجب أن يحمل على الوجه الموافق للعدل والحكمة، والمطابق للكرم والرحمة، فهو يأتي:
  بمعنى: الخَلْق على حسب الحكمة والمصلحة، وإيجاد الشيء على سبيل الإرادة والاختيار لا على سبيل الإيجاب والاضطرار ومخالفة الحكمة والمصلحة والمجازفة
(١) في (ب): العباد.