[الكلام على الطبع والختم]
[الكلام على الطبع والختم]:
  وأما الطبع والختم فالأظهرُ أنهما تمثيل وتشبيه لِحَالِ المعَاند والمتعامي عن التفكر الموصل إلى العلم بالحق والعمل بموجبه بِحَالِ من طبع على قلبه وختم عليه؛ لأن حقيقتَهما المعقولة منهما بحسب اللغة - وهي التغطية والسَّد، تقول: ختمت الإناء، أي: غطيت فاه وسددته، وقد يطبع عليه بطابع، تقول: ختمته وطبعت عليه، مبالغةً في السَّد - لا قائل بأن ذلك في قلوب الكفار والفساق على حقيقته، بل من العدلية من يجعله تمثيلاً واستعارة، وأسند إلى الله تعالى مبالغة في توغلهم في العناد والضلال حتى كأنه فيهم جِبِلَّة خَلْقِيَّة، كما قال الشاعر:
  كيف الرَّشَادُ وقد صِرْنَا إلى ملأٍ ... لَهُمْ عَنِ الرُّشْدِ أَغْلاَلٌ وأَقْيَادُ
  فَكَمَا أنه لا أغلال ولا أقياد لمن أراد الشاعر ذمَّهم، وإنما أراد التشبيه والتمثيل والمبالغة في تعاميهم عن الرشد - كَذلك لا طبع ولا ختم، وإنما المرادُ ما ذكر من التمثيل والتشبيه بمن ختم وطبع على قلبه حقيقة، ومنه قول الآخر:
  خَتَمَ الإلهُ على لسانِ عذافرٍ ... خَتْماً فَلَيْسَ عَلَى الكَلاَمِ بِقَادِر
  ومنهم مَن يقول: إِنه كناية عن سلب التنوير والتوفيق والهدى الزائد على ما يجب من البيان والدلالة.
  ومنهم(١) مَن يقول: إِن ذلك نكتة سوداء، علامة في قلب الكافر للملائكة يعلمون بِها سوءَ ما انطوى عليه؛ لأنه لا يعلم مُنطوي القلوب إلا الله تعالى، فَجعل ذلك علامةً للملائكة $.
  وأهل الجبر يجعلون ذلك كنايةً عن خلق الكفر والشقاوة، وسلب الإيمان والمنع منه؛ بناءً على أصلهم، فقد خرجت لفظة الطبع والختم عن حقيقتهما(٢)
(١) أي: من العدلية.
(٢) كذا في النسختين.