الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[الكلام على التزيين]

صفحة 458 - الجزء 1

  طيْب⁣(⁣١) سنخه وجِيَادَته من رداءته، ومنه قوله تعالى خطاباً لموسى #: {قال فإنا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِك}⁣[طه ٨٥]، أي: ابتليناهم وامتحناهم بما فعلناه مِن تمكين السَّامري اتخاذ عجل من أثر الرسول، له خُوَار، أي: صوت، زيادة في المحنة والبلوى، فإن المحنة والبلوى تحسن من الله تعالى في المواضع التي يريد الله تعالى أن يبين فيها حالة المبْتَلَى، كما قال طالوت #: {إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي}⁣[البقرة ٢٤٩]، فَجعل الله ذلك علامةً لطالوت # يعلم بها من سيتابعه ممن سيعصيه، فشربوا منه إلا قليلاً منهم، فتبين لطالوت بعد ذلك حالتهم، وعند الامتحان يكرم المرء أو يهان، ومثل ذلك قوله تعالى: {ألم ١ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ٢ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ٣}⁣[العنكبوت].

  وتأتي الفتنة بمعنى: التَّعْذِيب، {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ}⁣[البروج ١٠]، أي: عذبوهم.

  وبمعنى: الإغْواء عن الدين، {يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمْ الشَّيْطَانُ}⁣[الأعراف ٢٧].

  وبمعنى: الكُفْر والبَغي والصد عن سبيل الله، {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ}⁣[البقرة ١٩٣].

[الكلام على التزيين]:

  وأما التزيين فالمراد به التحسين والترغيب في الشيء، وقد ورد في القرآن تارة مضافاً إلى الشيطان {وَزَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنْ السَّبِيلِ}⁣[النمل ٢٤]، فهو على حقيقته وتارة مضافاً إلى الله تعالى، {كَذَلِكَ زَيَّنَّا


(١) في (أ): حقيقته وطيب.