[الكلام على الحجاب والكنان والوقر]
  لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ}[الأنعام ١٠٨] فالأمة يدخل تحتها اسمُ المؤمنين واسم الكافرين فما كان من أمم المؤمنين فهو أيضاً على حقيقته ولا إشكال فيه، كما قال تعالى: {حَبَّبَ إِلَيْكُمْ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ}[الحجرات ٧]، وما كان من أمم الكافرين فَالتزيينُ فيه كنايةٌ عن التَّمكين والتخلية التي هي شرط حسن التكليف وصحته.
  وَلَا يُقَالُ: يلزمُ الجمعُ بين الحقيقة والمجاز في لفظ واحد، وَهُوَ ممنوعٌ.
  لِأنَّا نقولُ: الممنوعُ أن يُسْنَدَ اللَّفْظُ بحقيقته ومجازه إلى جهة واحدة، كأن يسند كِلاَ المعنيين إلى كلٍ من أمم المؤمنين والكافرين، على أن القاسم # والشافعي | قد جوزا ذلك، واستدل له الشافعي بقوله تعالى: {أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاءَ}[النساء ٤٣]، فَحمله على اللمس الحقيقي؛ فيجب الوضوء لِذلك، وكناية عن الجماع؛ فيجب الغسل.
[الكلام على الحجاب والكِنَان والوقر]:
  وأما الحجاب والكِنَان والوَقْر فكلها كنايات عن توغل الكفار في العناد والجدال بالباطل والتعامي عن الحق؛ إذ لا حجاب ولا كنان على الحقيقة؛ لأنهما من الأجسام الكثيفة ولا جود لذلك عند أي كافر، وأسند إلى الله تعالى مبالغة في توغلهم في الكفر والعناد، حتى كأن ذلك فيهم أمر جِبِلِّي وخَلْقِي، وليس القصد إلا التمثيل والتشبيه بمن عليه كنان فلا يصل إليه صوت الداعي له، أو بينه وبينه حجاب فلا يبلغه ذلك الصوت، أو في أذنه وَقْر فلا يسمع ذلك الصوت، يدل عليه أنه تعالى حكى في بعض الآيات أن ذلك من قول الكفار يمثلون حالهم بذلك، أو أنه جعله لهم لسان حال، وذلك قوله تعالى: {وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ}[فصلت ٥]، وفي بعض الآيات أسنده إلى نفسه تعالى: {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا