الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

من هم القدرية؟

صفحة 460 - الجزء 1

  يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا}⁣[الإسراء ٤٥]، {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا}⁣[الأنعام ٢٥]، وفي بعضها صرح بحرف التشبيه الدال على التمثيل دون الحقيقة: {وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ ٧(⁣١) يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ٨}⁣[الجاثية]، فعلم أن ليس المراد إلا التمثيل والتشبيه لحالهم مبالغة في ذمهم وفي الإخبار بعنادهم، كما مَثَّلَهم تارة بالأنعام، وتارة بالذي ينعق بما لا يسمع، وتارة بمن هو في مكان بعيد، وأبلغ من الجميع في الذم لهم والإخبار عن عدم انتفاعهم بالمواعظ ما أطلقه عليهم من أنهم صم بكم عمي فهم لا يبصرون.

  تنبيه: اعلم أنه لما انقضى الكلام على ما ذكر من المتشابه، وكان من جملته لفظة: «القدر» - لزم بيان الفرقة القَدَرِيَّة، وما ورد من ذمهم، وبيان ما المراد من الأحاديث الدالة على وجوب الإيمان بالقضاء والقدر خيره وشره.

من هم القدرية؟

  أما القَدَرِيَّة فقد اتفقت الأمة على أنه اسم ذم، وجاء عن الشارع والسلف الصالح ذمهم ولعنهم، والنهي عن مجالستهم وعيادتهم وشهادة موتاهم، وصرنا نترامى به نحن والمجبرة؛ فنحن نقول: القَدَرِيَّة هم المجبرة؛ لأنهم يقولون في كل من فعل معصية: قُدِّرَ عليه، مع ما سيأتي من الأدلة الدالة على أنهم هم القَدَرِيَّة. وهم يقولون: بل أنتم القَدَرِيَّة؛ حيث تنفون القَدَرَ عن الله، ولم تؤمنوا بأحاديثه، وتثبتون أن القَدَرَ لأنفسكم. وقد شذ مقال بعض متأخري العدلية، كالمَقْبَلِي والسيد العلامة الحسن بن أحمد الجَلاَل، ولمح إليه السيد هاشم، وعليه بعض


(١) كذا في النسختين هذه الآية ليس فيها ذكر الوقر، والآية التي أرادها المؤلف هي قولة تعالى: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ٧}⁣[لقمان ٧].