الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

وفي حقيقة التكليف وحسنه وشرطه

صفحة 474 - الجزء 1

[فصل]: في الكلام في أن الله تعالى لا يكلف أحداً ما لا يطيق،

وفي حقيقة التكليف وحسنه وشرطه

  أما حقيقة التكليف فهو لغة: إلزام الغير ما فيه كلفة، أي: مشقة على النفس من فعل أو ترك. واصطلاحاً: هو إعلام الله العبد وإلزامه فعل ما فيه المصلحة، وترك ما فيه المفسدة.

وجه حسن التكليف:

  قال في الأساس: ووجه حسنه كونه عرضاً على الخير.

  قلت: هذا الوجه غير كاف في الحُسن؛ لأن العَرْض على الخير لا يلزم المكلِّف فعل، ولا المكلَّف قبوله.

  فإن قيل: إنما يقدح هذا في الوجوب، لا في الحُسن فهو حَسن.

  قلنا: إن كان حُسنه لمجرد نفع الغير الذي هو العبد المكلف فهذا معارض لحسن التفضل عليه بالنفع من دون تكليف وتحميله المشاق، بل ذلك أبلغ في نفعه والإنعام عليه، وإن كان لنفع المكلِّف الحكيم فهو متعالٍ عن ذلك، وإن كان لنفع غيرهما سواء كان مكلفاً أم لا لم يعقل وجه ذلك؛ ومن ثمة عَقَّب الشارح كلام الإمام @ بدليل آخر إجمالي فقال: وأيضاً قد تقرر أن الله غني حكيم، فإذا صدر من جهته تعالى فِعْلٌ وغَمُضَ علينا وجه المصلحة على جهة التفصيل رددناه إلى هذه القاعدة وقضينا بكونه حكمة وصلاحاً، سواء كان تكليفاً أو غير تكليف. قال: وهذا جواب مقنع لا يرد عليه شيء، وقد أشار إليه القاسم بن إبراهيم @ في جواب الملحد. انتهى كلامه #.

  قلت: ويمكن أن يقال: إن التكليف لما كان على ضربين: عقلي وشرعي فلا مانع من أن يفصل بينهما، بأن يقال: وجه حسن التكليف العقلي ووجوبه فعلاً كان أو