شروط حسن التكليف:
  على ما يتصل به من سبب، كالنظر في معرفة الصانع، أو توقي مُحْبِط كالرياء والعُجْب؛ ليستحق الثواب على ذلك.
  وأما الضرب الثالث فأربعة أيضاً:
  أن يكون الفعل مقدوراً؛ فلا يصح بالمحال ذاته، كالجمع بين الضدين، ولا بالنظر إلى من طلب منه، كتكليف الأعمى بنقط المصحف صحيحاً.
  وأن يكون له مدخل في استحقاق الثواب والعقاب، فلا يعقل التكليف بالمباح؛ لاستلزام انقلابه واجباً أو محظوراً أو نحوهما.
  وأن لا يكون الفعل مفسدة في نفسه، كالتكليف بكفر النعمة وفعل الظلم ونحو ذلك، أو موجباً ومسبباً للمفسدة، كتكليف النبي الجهاد الموجب قتله قبل التبليغ، وكسب آلهة الكفار في وجوههم مع العلم بتسبيب ذلك إلى سب الله تعالى. وهذا التمثيل أولى مما مثل به القرشي ¦ بقوله: نحو أن يعلم الله تعالى أنه إذا كلف زيداً(١) كفر أو كفر عمرو لأجل التكليف؛ لأن الذي يظهر أن أكثر الكفار كذلك، اللهم إلا أن تكون المسألة مفروضة أن زيداً أو عمراً كانا مؤمنين قبل ذلك التكليف فذلك لا يتأتى؛ إذ لا يصح تقدم الإيمان على التكليف.
  وأن يتقدم الإعلام بالتكليف على زمن الفعل أو الترك المطلوبين من المكلف بوقت أقله ما يمكن فيه الإعلام والنظر في صفة الفعل أو الترك المترتب عليها الصحة العقلية والشرعية، والعلم بما في ذلك من ثواب أو عقاب.
  وقد جعل القرشي الأولين من هذا الضرب راجعين إلى الفعل المكلف به، والأخيرين راجعين إلى نفس التكليف، ومثله للإمام يحيى #، والأظهر عدم
(١) قال الإمام عز الدين بن الحسن # على كلام القرشي هذا: فيه نظر؛ فإن المفسدة من حقها أن تكون أمراً زائدا على التكليف، اللهم إلا إذا قصد في فعل معين، كأن يعلم الله من حال زيد بعد أن قد صار من جملة المكلفين أنه إذا كلفه بهذا الفعل المعين أو الترك المعين كفر لأجل ذلك فهذا التكليف مفسدة ولا يحسن، وأما أصل تكليفه فلا يصح أن يعد مفسدة في حقه. (معراج).