الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[فصل]: في الكلام في أن الله تعالى لا يريد شيئا من المعاصي ولا يكره شيئا من الطاعات

صفحة 486 - الجزء 1

[فصل]: في الكلام في أن الله تعالى لا يريد شيئاً من المعاصي ولا يكره شيئا من الطاعات

  ولا بد قبل الكلام في ذلك أن نقدم الكلام على معنى الإرادة والكراهة؛ إذ لا يحسن الكلام في المركبات إلا بعد معرفة معنى ما تركبت منه.

  قال النجري ¦: الإرادة: هي المعنى الذي متى اختص بالحي أوجب كونه مريداً.

  قلت: وهذا الحد يلزم منه الدور؛ لأن كونه مريداً مشتق من الإرادة، وقد أخذه في تعريفها، وذلك لا يصح في الحدود.

  وأما حد الكراهة⁣(⁣١) فحدها كذلك بإبدال كونه مريداً بكونه كارهاً، ويرد عليه ما ورد في الإرادة.

  وقال القرشي ¦: المريد: هو المختص بصفة لمكانها يصح أن يوقع الفعل على وجه دون وجه إذا كان مقدوراً. قال: وقلنا: «إذا كان مقدوراً» ليدخل كونه مريداً لفعل الغير.

  قلت: وهذا الحد معترض بأنه يلتبس المريد بالقادر والعالم عنده؛ لأنهما عنده: المختص بصفة لكونه عليها يصح منه الفعل، ويزاد في العالم: المحكم، وليس قوله في المريد: «على وجه دون وجه» ينافي الإطلاقَ في القادر والقيدَ بالإحكام في العالم، اللهم إلا أن يقال: الإطلاق في القادر، والقيد بالإحكام في العالم، وبقوله: «على وجه دون وجه» في المريد - وضعت للتمييز بين هذه الثلاثة، فمن حق المميز في الحدود أن يعود إلى المعنى الفاصل لا إلى مجرد العبارة التي لا تقتضي التمييز. ومعترض أيضاً بأنه لا يتناول إلا إرادة فعل المريد، لا إرادة فعل الغير؛ لأن قوله: «إذا كان مقدوراً له» لا يفيد دخول فعل الغير كما زعمه؛ لأن ما


(١) في (أ): وقد تحد الكراهة بحدها كذلك بإبدال ... إلخ.