[فصل]: في الكلام في أن الله تعالى لا يريد شيئا من المعاصي ولا يكره شيئا من الطاعات
  ذكر في أول الحد - وهو قوله: «المختص بصفة» - كالجنس الشامل للمحدود وغيره، كالقادر والعالم والحي والسميع والبصير والكاره وسائر الصفات، وقوله: «لمكانها يصح أن يوقع الفعل» خرج منه السميع والبصير والكاره ونحوها، وهل يخرج منه الحي؟ يحتمل خروجه؛ لأن الحي هو من يصح أن يقدر ويعلم، ويحتمل عدم خروجه؛ لأن الحياة لا تنافي صحة إيقاع الفعل، بل هي لازمة له وشرط في صحته.
  ثم قوله: «على وجه دون وجه» فصل ثان أراد به إخراج القادر والعالم، ثم قوله: «إذا كان مقدوراً له» لا يصح أن يقال: إنه فصل ثالث أراد به إدخال فعل الغير؛ لأن الفصول يؤتى بها للإخراج لا للإدخال، ولم يتناول الجنس إرادة فعل الغير حتى يقال: إن قوله: «إذا كان مقدوراً له» أتى به ليشير إلى أن الإرادة تتعلق بفعل المريد وبفعل غيره.
  ثم قال ¦ في حد الكاره: هو المختص بصفة لمكانها يصح منه إيقاع كلامه نهياً ونحوه.
  يعترض بأن هذا إنما يتناول كراهية الفعل من الغير، لا كراهية الفعل من المتصف بالكراهة؛ إذ لا شك أن المؤمن يكره أن يفعل المعصية، ولا يصح أن يوقع كلامه نهياً عن معصية نفسه؛ إذ النهي إنما يتعلق حقيقة بفعل الغير، وقد جعل الشيخان المذكوران رحمهما الله تعالى ما ذكر من الحدود شاملاً للإرادة في حق الشاهد والغائب، وكذلك غيرهما ممن يوافق المعتزلة في هذه المسألة، كالمهدي # وغيره من الزيدية.
  وقال شارح الأساس | وقدس الله روحه في حد الإرادة: وهي من المخلوق النية والضمير. ولم يحد الكراهة. وأشار الإمام # إلى حدها في المتن بقوله: والكراهة ضد المحبة. وكلا الحدين لا يخلو من تسامح؛ لأن ما ذكر في حد الإرادة لا يتناول إرادة فعل الغير؛ إذ لا يمكن تتعلق به من المريد نية ولا