الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

الفرق بين الحسن والحكمة:

صفحة 511 - الجزء 1

  العقاب في فعله، ومن المعلوم أن لا عقاب في ذلك؛ إذ لا أقل من كونه مباحاً، لكن لما كان المقصد فيه غير ذي طائل خرج عن كونه حكمة ولم يخرج عن كونه حسناً، أي: غير قبيح؛ لأنه يدخل في الحسن على اصطلاح المتكلمين الواجب والمندوب والمباح والمكروه، ولا يدخل في الحكمة إلا الأولين، ومن الثالث والرابع ما فيه مقصد صحيح، لكن الرابع لا يدخل في الحكمة إلا إذا كان فعله أولى من تركه، كصرف الزكاة في غير فقراء البلد للتأليف، وإلا فلا حكمة في فعل المكروه، بل الحكمة في تركه، وهي اقتضاء الثواب.

الفرق بين الحسن والحكمة:

  وحاصل الكلام في الفرق بين الحسن والحكمة أن الحسن أعم والحكمة أخص؛ ولهذا قالوا: لا يكون الحسن حكمة إلا إذا كان فيه صفة زائدة على حسنه. وبهذا كانت الأفعال تنقسم بالنظر إلى الحُسن والقبح إلى قسمين فقط: حسن وقبيح، ولا ثالث؛ فيكونان نقيضان، وبالنظر إلى الحكمة والمفسدة إلى ثلاثة: حكمة، ومفسدة، ولا حكمة ولا مفسدة، كالمباحات التي لا غرض فيها صحيح؛ فيكونان ضدان، وليس في أفعال الله تعالى إلا القسم الأول - وهو الحكمة - دون الأخيرين، وهما ما فيه مفسدة، أو ما لا حكمة فيه ولا مفسدة؛ لأن الحكيم على الإطلاق لا يفعل ما لا حكمة فيه.

  وأما القبيح والمفسدة فلا فرق بينهما، ولا يدخل فيهما إلا المحرم، فلا فرق بينه وبين أيهما، فالثلاثة مترادفة.

  قوله #: (فقل: كلا) ردعاً عن اعتقاد حصول مفسدة أو خلو مصلحة عن أي شيء منها. وقوله: (بل لا يفعل إلا الصَّلاح، ولا يبلوهم إلا بما يدعوهم إلى الفلاح) هذا هو الواجب في مسائل الباب على الجملة.