[فصل:] في البلاء والآلام وما يتصل بذلك
  وأخرج المرشد بالله عن عائشة مرفوعاً: «إذا اشتكى المؤمن أخلصه ذلك كما يخلص الكير ..» الحديث، ذكر هذه الأحاديث شيخنا ¦ في السمط متفرقة، وغيرها في السنة لا حاجة في التطويل بذكرها، وهي تدل بعضها على الاعتبار وبعضها على العوض وبعضها عليهما معاً.
  وقد اختلف من لا يشترط اجتماع الأمرين معاً، فقال أبو علي: يحسن للعوض من دون اعتبار.
  قلنا: يمكن الابتداء بالعوض من دون ألم؛ فيكون عبثاً وظلماً.
  وقال عباد بن سليمان الصيمري بالعكس: يحسن للاعتبار من دون عوض.
  قلنا: لا يمكن اطراده في كل ألم؛ لأن الأطفال والبهائم لا اعتبار منها.
  فإن قيل: لاعتبار المكلف في حقها.
  قلنا: يكون كنفع زيد بإضرار عمرو، فلا يحسن إلا مع تعويض عمرو وإلا كان ظلماً له.
  وذهب الإمام القاسم بن محمد قدس الله روحه إلى تفصيل في الآلام من حيث هي، قال شيخنا ¦: تفصيل عجيب لم يسبق إليه، حاصله: أنه لا يخلو الألم: إما أن يكون من الله تعالى أو من العبد، فإن كان من الله فيحسن لغير المكلف لمصلحة يعلمها الله تعالى له. ولم يعين # في ذلك عوضاً ولا اعتباراً؛ لإمكان الابتداء بالعوض، ولفقد الاعتبار في ذلك بالنظر إلى المؤلم نفسه، ولا جَوَّز خلوه عن أحدهما، بل رد على أبي علي وعباد في ذلك وأجمل ولم يفصل. وإن كان بمكلف: فإما أن يوقعه بمؤمن أو بغيره، فإن كان بمؤمن حسن لمصلحة يعلمها الله تعالى له، أو لاعتبار نفسه، أو لحط سيئاته، أو لتعريضه لثواب الصبر، أو لمجموع الجميع. وإن كان بغيره من كافر أو فاسق فيحسن تعجيل عقوبة فقط، ولاعتبار نفسه فقط، يعني أن كل واحد منهما كاف في الحكمة، ولمجموعهما، يعني يصح في ألم صاحب