الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[فصل:] في البلاء والآلام وما يتصل بذلك

صفحة 518 - الجزء 1

  وقال أبو هاشم: لا يصح أن يكون تعجيل عقوبة، وخالفه أبوه أبو علي. ومثل قول أبي هاشم عن المنصور بالله. قال شيخنا صفي الإسلام ¦ في حاشيته: وحكي عنه أنه قال في شرح الجزء الثاني من الرسالة الناصحة عند قوله #:

  دَارُ الجزاءِ يا قوم دارُ الآخرةِ ... إِنَّا شَرِبنا من⁣(⁣١) بحارٍ زَاخِرَهْ

  إن أهل البيت $ مجمعون على أنه لا عقاب في الدنيا. قال: وكلام هؤلاء الأئمة يدفعه، والأدلة عليه قائمة. انتهى.

  قلت: ويمكن دعوى الإجماع أنه لا عقاب مستوفى، والله أعلم.

  وأما إذا كان الألم الواقع بالمؤلم من العبد: فإما أن يكون الجاني والمجني عليه مكلفين أم لا، إن كانا مكلفين حسن للقصاص أو التأديب فقط، لا لعوض ولا لاعتبار؛ لأنهما لا يحسنان إلا من الحكيم على الإطلاق، المالك الحقيقي وليس إلا الله تعالى، وإن كانا غير مكلفين لم يحسن، لكن لا عقاب على الجاني، إلا أنه يحسن تأديب المميز بما يقتضي الزجر عن العَوْدِ.

  فإن قيل: إذا نفيتم الحسن عنه فهل تصفونه بالقبح - فكيف نفيتم العقاب عن فعل القبيح - أم لا فكيف رفعتم النقيضين على أصلكم؟.

  قلنا: هو قبيح، لكن شرط استحقاق العقاب عليه تكليف فاعله.

  ويكون للمجني عليه عوض من الله تعالى بسبب فعله التمكين والتخلية بينهما، وكذا في جناية غير المكلف على المكلف.

  وإن كان الجاني مكلفاً والمجني عليه غير مكلف قبح بكل حال، فإن كان عمداً عوقب على جنايته، وإن كان خطأ حط من سيئاته بقدر جنايته وعوض بها المجني عليه، فإن لم يكن له حسنات فالعوض من الله تعالى، ويزاد في عقاب


(١) في شرح الرسالة: عن.