الأرزاق
  وجوابه يؤخذ من جواب السؤال الأول، وبأن يقال: ليس المراد بقوله: ما يعمر العمر الذي قد مضى أو انقضى، بل المراد ما يزاد على ما قد مضى، وسواء كانت الزيادة بسبب صلة رحم أو فسحة في الأجل، وليس المراد بالنقص عمَّا قد مضى أو انقضى حيث إن ذلك محال، بل المراد بالنقص مما بقي من عمره، إما بسبب قطع رحم، أو بالنسبة إلى من هو أطول منه عمراً، وقد قيل: إن معنى {وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ}: ولا يمضي من عمره عام أو شهر أو يوم أو ساعة بأن يكون المولود عند ولادته قد جعل الله له عمراً طويلاً أو قصيراً أو متوسطاً، فلا يُنقص - بتغيير الصيغة للمفعول - من عمره ذلك المحدود بما مضى منه {إِلا فِي كِتَابٍ} إلا مكتوباً ما مضى منه، أو ثابتٌ في علم الله تعالى ما مضى وما بقى، وهذا جيد، وهو يعود إلى معنى ما ذكر، والله أعلم.
الأرزاق
  اعلم أن الرزق مصدر، يقال: رزق يرزق رزقاً فهو مرزوق ورازق. وهو: إعطاء الغير الذات المنتفع بها أو ما في معناها. فالذات المنتفع بها كالأثمار والحبوب والمشارب والأولاد والدواب وما في معناها، كالقوى والحواس الخمس وغير ذلك من المعاني المنتفع بها، ثم إنه استُعمل بعد ذلك في الذات المعطاة وما في معناها، قال تعالى: {وَأَنزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنْ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ}، فسمى الذوات المخرجة رزقاً، قال في المصباح: والرزق - بالكسر - اسم للمرزوق، والجمع أرزاق، مثل حمل وأحمال؛ فصار للرزق معنيان: أحدهما: نفس المصدر، ومعناه الإعطاء. والثاني: العين المنتفع بها وما في معناها. وهل صار حقيقة فيهما معاً بالاشتراك، أم حقيقة في أحدهما مجاز في الآخر؟ الأظهر الأول. قال سيد المحققين #: الوجه في ذكره أنه من أفعال الله سبحانه وتعالى الدالة على عدله وحكمته، وفيه مصالح الخلق ومنافعهم، فهو من أصول النعم التي تفرد الله تعالى بها. انتهى.