الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

الألطاف

صفحة 536 - الجزء 1

  أضداد هذه الامتحانات سبباً للرخص، وقد يكون في ذلك لطف للمكلفين، فيكون في ذلك مصالح الخلق الراجعة إلى صلاح دينهم ودنياهم، وقد يكون سبب ذلك الغلاء أو الرخص من فعل العباد، كجلب التجارات والعناية في الصناعات والمحافلة على لوازم الزراعات وعدم احتكار المأكولات، فيؤدي ذلك إلى الرخص، وضده إلى الغلاء. خلافاً للمجبرة فقالوا: الكل من الله تعالى.

  قلنا: نهى عن الاحتكار لئلا يقع الغلاء، وفي الحديث: «أنه يأتي محتكر الطعام وقاتل النفس المحرمة في درجة واحدة». وإنما تكلمنا على سبب السعر دون فاعل السعر لأن السعر لا يصح أن يكون فعل الله تعالى؛ لأن المرجع به إلى تقدير الثمن و رسم المبيع على ذلك القدر، وذلك فعل العبد بلا شك.

الألطاف

  اعلم أن اللطف في اللغة: بمعنى اللطافة، وهي نقيض الكثافة، ثم استعمل في عرف اللغة فيما قرب من نيل الغرض وحصول المقصود، ومنه قول الشاعر:

  لو سار ألفُ مُدَجَّجٍ في حاجةٍ ... ما نالها إلا الذي يَتَلَطَّفُ

  وقول الآخر:

  ما زلت آخذ حاجتي بتلطف ... حتى تركتُ رقابَ الجُلْحِ في الطَّيف

  وفي اصطلاح المتكلمين اختلفت عباراتهم فيه، ففي الأساس: اللطف: تذكير بقول أو فعل حامل على فعل الطاعة أو ترك المعصية. قال في الشرح: لأجل كونها طاعة أو معصية من دون إلجاء إلى ذلك.

  وفي شرح القلائد للنجري: هو ما يدعو المكلف إلى امتثال شيء مما كلف به من فعل أو ترك.

  وفي منهاج القرشي: أحسن ما يقال فيه: هو ما يختار عنده المكلف الطاعة لأجله بعد التمكين أو يقرب من اختيارها.