خاتمة لباب العدل
  وفي شرح الأساس عن الإمام يحيى # في الشامل ما لفظه: اتفقت العدلية من الزيدية والمعتزلة على القول بوجوب اللطف والعوض والثواب على الله تعالى، وغير ذلك من الأمور الواجبة عليه تعالى من أجل التكليف، فأما ما لا يتعلق بالتكليف كالأفعال المبتدأة فلا يوصف بكونه واجباً، وإنما يوصف بكونه نعمة وإحساناً وتفضلاً كأصل التكليف نفسه. قال الشارح: وفي إطلاق القول عن العدلية نظر، ثم حكى كلام العنسي ¦ المذكور عن الزيدية: أنه لا يقال واجب في حق الله تعالى شيء.
  الثالث: قول أهل الأصلح، وهم البغدادية، قالوا: يجب على الله الأصلح من فعل وترك، سواء كان ذلك راجعاً إلى الدين أو إلى الدنيا، فكل ما علمه تعالى أصلح وجب، وكل ما لا فلا يجب.
  قال القرشي ¦ في رد هذا القول ما لفظه: عند جمهور أهل الحق أن مجرد كون الشيء نفعاً لا يكفي في وجوبه، بل لا بد من أحد ثلاثة وجوه:
  إما أن يختص بوجه لأجله يجب، كرد الوديعة وشكر المنعم ودفع الضرر والانتصاف والإثابة ونحو ذلك.
  وإما أن يكون لطفاً، كمعرفة الله سبحانه وبعثة الأنبياء $ وكالشرعيات.
  وإما أن لا يتم الواجب أو ترك القبيح إلا به، كالقيام وفتح الباب والنظر في العقليات، وكالطهور في الشرعيات، وكالإعادة(١) من فعل الباري تعالى.
  وما خرج عن هذه الثلاثة الأقسام لا يجب، قال: وخالف بعض البغداديين فقالوا بوجوب ما كان أصلح - أي: أنفع - حتى حكموا بوجوب ابتداء الخلق، ووجوب التكليف، ونحو ذلك مما يعده أصحابنا تفضلاً، ومنهم من طرد هذه القضية في الشاهد أيضاً، فحكم بوجوب الأصلح من أفعال العباد، ثم حكى
(١) أي: إعادة من له عند الله أو على أحد من الخلق عوض.