[الفرق بين المعجز والسحر]
  ومن حيث إنه لا يقبح من الله قبيح عند الأشعرية؛ إذ لا دليل على الوجوب، وقد مر إبطال أصل الأشعرية المبني عليه هذه المسألة، ولا وجه لمنعهم ظهوره على من يدعي النبوة كاذباً إلا الفرار من الإلزامات التي تقدمت أول الباب من أنه لا يعلم على أصلهم النبي من المتنبي، حيث إن علة قبح الفعل عندهم لا تقتضي إخراج مدعي النبوة كاذباً، بل تقتضي إدخاله في جواز ظهور المعجز على يده؛ لأنه تعالى غير منهي، ولا يقبح منه فعل، ولا يسأل عما يفعل.
[الفرق بين المعجز والسحر]:
  ثم اعلم أن الفرق بين المعجز والسحر مما يحتاج إليه، وقد ظهر من الحد المحكي عن الأساس أن الفرق هو أن السحر يمكن التعلم لإحضار مثله، بخلاف المعجز فلا يمكن.
  ومن جملة الفروق: أن المعجز في نفسه هو كما يراه الناظر إليه، فإن عصا موسى # انقلبت حية حقيقة، وعِصِيُّ السحرة وحبالهم لم تكن حياتاً حقيقية، وإنما يخيل في عين الرائي أنها حيات وليس كذلك؛ ولهذا إن السحرة لما عرفوا أن عصا موسى # صارت حية حقيقة تلقف ما يأفكون انقلبوا ساجدين و {قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ ١٢١ رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ ١٢٢}[الأعراف].
  ومنها: أن كثيراً من المعجزات يعلم ضرورة أنها من فعل الله تعالى، كحمل الريح سليمان، ومنطق الطير، وتسبيح الجبال مع داود، ونتق الجبل في حق موسى #، وتسبيح الحصى في كف نبينا ÷ وعلى الأنبياء أجمعين، وقد ذكر القرشي ¦ فروقاً آخرات هي في التحقيق راجعة إلى ما ذكر.
  (فإن قيل: فما برهانك على أنه جاء بالمعجز عقيب ادعائه النبوة؟ فقل: المعلوم ضرورة) من جهة التواتر بحيث لا منازع ولا متشكك في ذلك، وأطبق عليه الجميع - من مثبتي نبوته وهم أهل الإسلام أجمع - ونافيها، وهم الكتابيون وغيرهم من ملل الكفر (أنه كان في الدنيا قبيلة تُسمى: قريشا، وأنه كان فيهم