الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[الفرق بين المعجز والسحر]

صفحة 573 - الجزء 1

  والأصل الخامس قوله: (والمعلوم ضرورة شدة عداوتهم) أي: المشركين (له ÷).

  ولما كانت هذه الأصول الخمسة معلومة ضرورة من جهة التواتر لم يحتج شيء منها إلى تصحيح ببرهان يثبته؛ لأن ذلك من شأن النظريات لا من شأن الضروريات، وكان أصل المسألة مبنياً على ما صدرت به من أنه ÷ جاء بالمعجز عقيب ادعائه النبوة لا يعلم إلا استدلالاً - أخذ في تقريره بالدليل القاطع فقال: (وإنما قلنا بأنه) أي: القرآن (معجز لأنه تحداهم على أن يأتوا بمثله) فقال: {أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَل لَا يُؤْمِنُونَ ٣٣ فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ ٣٤}⁣[الطور] (فعجزوا) ويؤكده قوله تعالى: {قُلْ لَئِنْ اجْتَمَعَتْ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ٨٨}⁣[الإسراء]، أي: عوناً ونصيراً، وهذه هي المرتبة الأولى من مراتب التحدي، فلما عجزوا عنها - وهي الإتيان بمثل جميعه - أرخى العَنان معهم في المساجلة والمناظرة لتقرير الحجة عليهم وزيادة في إيضاح عجزهم، فأنزلهم إلى مرتبة دونها أيسر وأسهل عليهم من الأولى لو قدروا على الإتيان مثل أيهما، وهي ما ذكره # بقوله: (ثم تحداهم على أن يأتوا بعشر سور من مثله) فقال تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنْ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ ١٣}⁣[هود] (فعجزوا) أن يأتوا بعشر سور، وهذه هي المرتبة الثانية، (ثم) لما عجزوا عنها أنزلهم مرتبة ثالثة هي أيسر ما يكون لو قدروا عليها، وهي أنه ÷ (تحداهم على أن يأتوا بسورة من مثله) فقال حاكياً عن الله تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بسُوَرٍة من مِثْلِهِ}، وقال تعالى: {وَإِنْ كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ ٢٣}⁣[البقرة] (فلم يقدروا على ذلك)، ثم لما تحداهم بهذه الثلاث