الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[الفرق بين المعجز والسحر]

صفحة 576 - الجزء 1

  وعندنا محمد نبيُّ ... مهذبٌ مطهرٌ زكيُّ

  اختصه بذلك العليُّ ... وجاء منه معجزٌ جليُّ

  يعجز عنه كل ذي مقال

  أيده ربي بإظهار العلمِ ... فصار في هامة بحبوح الكرم

  أفضل من يمشي على بطن قدمِ ... وكل ذي لحم من الناس ودم

  مَنّاً من الواحد ذي الجلال

  هذا وإن كانت المسألة مما لا يصح الاستشهاد عليها بكلام البشر بعد كلام خالق القدر إلا أن الأمر في ذلك من باب:

  أعد ذكرَ نعمان لنا إنَّ ذِكْرَهُ ... هو المسكُ ما كررته يتضوعُ

  (ولأن القرآن مشتمل على الإخبار عن الغيوب المستقبلة)، كقوله تعالى عام الحديبية: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ}⁣[الفتح ٢٧]، وكان ذلك سنة ست من الهجرة، ثم وقع ذلك في عام الفتح وكان سنة ثمان، أو في عمرة القضاء وكانت سنة سبع، وهو الأظهر؛ لأنهم ما كانوا في عام الفتح متلبسين بإحرام يتفرع عليه الحلق والتقصير، وإنما كانوا مدرعين ومتقلدين الأسلحة، وكانت الدروع على بعض منهم غامرة جميع جسده حتى لا يرى منهم سوى حدق العيون، كما ذلك مذكور في كتب السيرة النبوية على صاحبها وعلى آله أفضل الصلاة والسلام. (وعلى الإخبار عن الأمور الماضية) كما أخبر سبحانه وتعالى عن قصص الأنبياء السابقين وإهلاك مكذبيهم، وغير ذلك من أخبار الماضين، ثم تتبعنا كتب التواريخ القديمة الحاكية لسيرهم وأخبارهم (فكان الأمر على ما أخبر في الماضي والمستقبل) ولم يكن الرسول ÷ ممن يكتب ويقرأ المكتوب، ولا نُقل عنه أنه كان يختلف إلى علماء التاريخ في عصره ÷، ولا أنه أتى إليه أحدهم فأخبره بذلك، فدل على أن علمه ÷ بذلك مع المطابقة للواقع بما كشفت لنا عنه كتب التواريخ ليس إلا