فصل: في الكلام في المسائل التي يجب عل المكلف معرفتها واعتقادها في القرآن الكريم
فصل: في الكلام في المسائل التي يجب عل المكلف معرفتها واعتقادها في القرآن الكريم
  ومن المتكلمين من يقدم الكلام على القرآن على الكلام على النبوة؛ لأن القرآن دليل النبوة، ودليل الشيئ يتقدمه في الذات. ومنهم من يؤخر ذلك كالمؤلف وصاحب الأساس @؛ لأن القرآن هو البرهان، والبرهان يتأخر عن الدعوى في الرتبة. والكل مستقيم، ولكن ينبغي معرفة الوجه الذي لأجله وجب اعتقاد ما قاله المتكلمون في القرآن من تلك المسائل، ولم أجد من نص عليه، ولعل الوجه في ذلك أن التوحيد والعدل لا يكملان إلاَّ بمعرفة ذلك؛ لأنا إذا لم نقل بأن القرآن محدث واعتقدنا قدمه قدحنا في التوحيد حيث أثبتنا مع الله قديماً ثانياً يشاركه في أخص أوصافه، وما شارك في أخص أوصاف الذات شارك في سائر صفات الذات صفات الذات من القادرية والعالمية والحيية؛ فيلزم أن يكون القرآن إلهاً ثانياً؛ فلزم معرفة حدوثه.
  وإذا لم نقل إن القرآن كلام الله وفعله الدال على نبوة نبيه ÷ كان قدحاً في العدل حيث لم يفعل ما يبين به ø دلالة النبوة وما يترتب عليها من بيان الشرائع التي وجبت علينا شكراً له تعالى، ووجب عليه تعالى بيان كيفية أدائها، فانه إذا لم يفعل ذلك كان قادحاً في عدله ø وحكمته، وإن حصل ذلك من جهة غيره - وهو القديم الثاني، وهو القرآن، فلزم معرفة تلك المسائل المتعلقة بالقرآن لتستقيم أصول العدل والتوحيد والنبوة والشرائع، وهذا واضح كما ترى.
  قال #: (فان قيل) لك أيها الطالب (: فما اعتقادك في القرآن؟ فقل: اعتقادي أنه كلام الله تعالى) وحقيقة الكلام في اصطلاح المتكلمين: ما تركب من حرفين فصاعدا، وزاد بعضهم: وكان مسموعاً. لتخرج الكتابة وحديث النفس. وزاد بعضهم: وكان مفيداً. ليخرج المهمل. والصحيح ألاَّ حاجة إلى الزيادة؛ أماَّ لكتابة فلم يشملها جنس الحد حتى يحتاج إلى إخراجها؛ لأن المركب