فصل: في الكلام في المسائل التي يجب عل المكلف معرفتها واعتقادها في القرآن الكريم
  مُدَّكِرٍ}[القمر ١٧]، ويصح إرادة المعنيين على اختيار أئمتنا $ ومن وافقهم أن المشترك إذا صلح حمله على جميع معانيه حمل عليها.
  (وأما قولي: إنه مَخلوقٌ) والمخلوق: هو الموجود المترتب النظم والمقدر(١) على وفق الحكمة والمصلحة (فلأنه) أي: القرآن (مُتَرَتِّب) والترتيب: وضع كل شيء في مرتبته؛ بأن يقدم ما يستحق التقديم، ويوسط ما يستحق التوسيط، ويؤخر ما يستحق التأخير (منظوم) أي: مضموم بعض الحروف إلى بعض، وبعض الكلمات إلى بعض، ومقدر في وجوده (على مقدار معلوم) بأن كان على مائة سورة وأربعَ عشرة سورة، أو ثلاثين جزءاً، أو مقدار معلوم من الأحكام الثابتة والمنسوخة والقصص والمواعظ (موافق) بذلك (للمصلحة) والحكمة، (و) إذا ثبت أن المخلوق في اللغة (هو) الموجود المترتب النظم، والمقدر على وفق المصلحة، وثبت أن القرآن (بهذه) الصفة و (المنزلة فجاز) حينئذ وثبت (وصفه بأنه مخلوق)، ولعله # إنما عدل عن أن يقول: فصح أو فثبت، وعبر بقوله: فجاز - للإشارة إلى منع محمد بن شجاع من المعتزلة وصفه بأنه مخلوق وإن كان محدثاً؛ لأن المخلوق يأتي بمعنى المختلَق، أي: المنسوب إلى غير قائله. ويصح أن يكون فيه إشارة إلى قول بعض المحدثين وبعض المتأخرين: إن وصف القرآن بأنه مخلوق ووصفه بأنه غير مخلوق كل منهما بدعة؛ لأن السلف الصالح من الصحابة والتابعين ¤ لم يخوضوا ولم ينقل عنهم القول بأي المذهبين. وهذه جهالة ظاهرة من أهل هذا القول؛ لأن وصف كلا النقيضين بالبدعة لا يستقيم؛ لاستلزام أن الحق في غيرهما، وهو محال؛ لأن إثبات ثالث للنقيضين ورفعهما معا مستحيل.
  لا يقال: بل يمكن ثالث وهو الوقف وعدم الخوض في المسألة.
(١) في (أ): أو المقدر.