فصل: في الكلام في المسائل التي يجب عل المكلف معرفتها واعتقادها في القرآن الكريم
  ورواه المَدِيني بلفظ: «وما لم تعرفوه فكلوه إلى علم خالقه»، وعنه ÷: «ما خلق الله من سماء ولا أرض ولا سهل ولا جبل أعظم من سورة البقرة، وأعظم ما فيها آية الكرسي». ذكره شيخنا | في السمط(١).
  اعلم أن جميع ما ذكرنا من الأحكام المذكورة في الأربعة الأطراف ثابت لسائر الكتب المنزلة من عند الله تعالى، من كونها كلام الله تعالى، وأنها مسموعة، وأنها محدثة وأنها مخلوقة، وخلاف الأشاعرة ونحوهم ثابت فيها كخلافهم في القرآن، ويلزمهم أنه إذا كان الجميع قديماً، وكان صفة قائمة بذات الله تعالى ليس بحروف ولا أصوات - أن لا يفرق بينها ولا يميز بعضها من بعض؛ لأنه صار الكل شيئاً واحداً بسيطاً؛ لأنه لا يصح الاختلاف في القديم، فيجب أن يكون كل منها هو عين الآخر ويستحيل التعداد، فما قيل له: «التوراة» هو عين ما قيل له القرآن أو الإنجيل إلى آخرها، وهذا معلوم البطلان، وأيضاً فآيات التوراة عبرانية والقرآن عربي، وكل كتاب هو على لسان من أرسل به ومن أرسل إليهم، ولا يمكن الأشاعرة إنكار هذا.
  فإن قالوا: إن المعنى القديم مختلف باختلاف هذه الكتب ثبت حدوثه وصار مثلها؛ فيبطل قولهم: إنه ليس بحروف ولا أصوات؛ إذ قد صار مثل هذه الكتب، فمتى كانوا بهذه المرتبة من المناظرة - قلنا لهم: إذاً فلا طريق إلى العلم بذلك المعنى القديم؛ فلا يجوز القول به لعدم الدليل عليه، ولعدم الحاجة إليه، بل يجب نفيه؛ لأن في إثبات قديم مع الله تعالى لزوم إثبات إله مع الله تعالى واحتياجه إلى غيره.
(١) واسم الكتاب: سمط الجمان شرح الرسالة الناصحة للأقران، للعلامة أحمد بن عبد الله الجنداري (ت ١٣٣٧ هـ - ١٩١٩ م). انظر كتاب أعلام المؤلفين الزيدية ص ١٣٣ - ١٣٤ ط ١، مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية.