الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

الإمامة أصل من أصول الدين:

صفحة 9 - الجزء 2

  وقال أمير المؤمنين #: (وإنما الأئمة قوام الله في أرضه، وعرفاؤه على خلقه، لا يدخل الجنة إلا من عرفهم وعرفوه، ولا يدخل النار إلا من أنكرهم وأنكروه).

  وقال الباقر # في قوله تعالى: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا}⁣[النساء ٥٤]: نحن الناس المحسودون، الملك العظيم أن جعل الله فينا أئمة من أطاعهم فقد أطاع الله ومن عصاهم فقد عصى الله، فهذا ملك عظيم.

  وغير ذلك من السنة ومن أقوال الأئمة $، وقد ذكر شطراً⁣(⁣١) من ذلك في شرح الأساس وغيره من بسائط الفن.

الإمامة أصل من أصول الدين:

  واعلم أن الإمامة مرتبة شريفة ودرجة عالية منيفة، وهي أصل من أصول الدين العظيمة، وعليها مدار الشريعة المطهرة المستقيمة؛ لأنها خلافة النبوة المختومة، ومقام الرسالة بالشرائع المحتومة، وهي حراسة التوحيد عن زيغ الإلحاد، وعاصمة العدل والوعد والوعيد عن ريب أهل الفساد، بها يعرف الله ويوحد، وتحفظ شرائعه على ممر الأبد، حتى يأتي وعد الله ويبعث الخلق لقيامهم {يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ}، ومن حيث إنها كذلك حبا بها نبيه الكريم، وأكرم بها خليله إبراهيم، بعد أن كان صديقاً نبياً، ومع ما اتخذه خليلاً وولياً، فقال عز من قائل حكيم، مخاطباً لذلك النبي العظيم: {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا}⁣[البقرة ١٢٤].

  ولما كانت الإمامة بالمرتبة العظمى والرئاسة التي يحرس بها عن كل فتنة دهماء تاقت نفس الخليل إلى أن تكون في ذريته فقال: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ}⁣[البقرة ١٢٤]، فأجاب سؤاله فيمن صلح من ذريته، وأخرج عن استحقاق


(١) «شطر». ظ.