الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

الاستدلال على إمامة أمير المؤمنين # بالوصاية والعصمة والأفضلية:

صفحة 85 - الجزء 2

  على الأمة فليست ثابتة له بعد وفاته على أحد من الناس، فلو أوصى إلى رجل معين، فإن أوصى إليه بنفس الإمامة لم تصح وصيته هذه؛ إذ لا ولاية له على الأمة بعد وفاته، وإن أوصى إليه بما عدا الإمامة مما أمره إليه ويخصه بنفسه من دون نظر إلى كونه إماماً كما وقفه بنفسه من خالص ملكه، أو ما تسلسل إليه ولايته بالوصاية من الواقف صحت وصيته بذلك كسائر الناس؛ لأن للواقف حق الولاية فيما وقفه مدة حياته، وحق النصب عليها من يقوم بها بعد مماته، وبهذا صار وصي الوصي ما تسلسل مقدماً على الإمام والحاكم، إلاَّ لخيانة توجب بطلان ولايته، كما ذلك مقرر عند أهل الفقه. فثبت كون علي # وصي رسول الله ÷ بمجرد الإيصاء إليه دون أوصياء الأئمة، حتى إن الحسنين @ لم تثبت إمامتهما عندنا بكون أمير المؤمنين # أوصى إلى الحسن وهو إلى أخيه الحسين، بل ثبتت لهما بعده # بقوله ÷: «الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا وأبوهما خير منهما».

  فإن قيل: فبعد انقراض الحسنين @ لم يكن للنبي ÷ منصوبٍ معينً، بل حكمتم بإمامة من قام بعدهما من أولادهما دون سائر المسلمين.

  قلنا: إنما حكمنا بثبوت إمامة من قام ودعا مع كمال الشروط المعتبرة لمن هو من أولادهما @؛ لقوله تعالى: {وَأُوْلُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ}⁣[الأنفال ٧٥]، فجعل ø ذي⁣(⁣١) رحم الرجل أولى بما أمره إليه من الأجنبي، وليس للأجنبي حق في هذا الشأن أصلاً، فلا موجب لتشريكه مع ذي الرحم في ذلك، وهذا واضح لكل من زهد في الأمر وأنصف، دون من طمع فيه وتعسف، ولقوله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي}⁣[يوسف ١٠٨]، فجعل من اتبعه داعياً إلى الله مثله، ولا يعلم على القطع فيمن قام من غير العترة أنه ممن تبعه، بل ذلك فيمن اشتهر بالعلم والعدالة كعمر


(١) «ذا». ظ.