[العالم محدث]
  بالعواصف والصواعق، وصوت الرعد المختلف بين شدة وخفه وتوسط، وجهة دون جهة، فسبحان من {يُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ}[الرعد ١٣]، يريد أن الكفار يجادلون في جحد الله تعالى وإنكارهم إياه واقتداره وتدبيره مع ما أراهم من هذه الآيات الباهرات التي لا يقدرون على إنكار وجودها، ولا تقبل العقول فاعلاً لها غيره، فما سولت لهم أنفسهم وزخرفته لهم الشياطين من نسبة ذلك إلى غيره تعالى من العلل والطبائع وسائر المؤثرات التي زعموها مُمَاكَرَةٌ منهم ومماحلة: وهي شدة المكايدة والمجادلة، والله شديد المحال بالحجج وإتيانهم بالنقمة من حيث لا يحتسبون، فأشبه المماكرة والمكايدة بجامع الإتيان من خلاف ظاهر الأمر، فإطلاق ذلك على الله تعالى مجاز، كقوله تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا}[الشورى ٤٠].
  واختلف في المطر، فقال الهادي والحسين بن القاسم العياني @: إنه يخلقه الله تعالى ويُكَوِّنه فيما بين السماء والأرض، وقالا: السماء ما ارتفع. ويدل على هذا ظاهر قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ}[الروم ٤٨].
  وقال زيد بن علي @ والجمهور: بل من السماء؛ لقوله تعالى: {وَأَنزَلْنَا مِنْ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا}[الفرقان ٤٨]. والآيات في ذلك كثيرة.
  وقال محمد بن القاسم بن إبراهيم $ - قال شيخنا ¦: وقيل: إنه روي عن القاسم # -: إنه تأخذه السحاب من البحر. وقال ¦: واعلم أن في القرآن التصريح بأن الماء ينزل من السماء إلى السحاب ثم تمطر، يعني كما يقوله زيد بن علي @، ثم قال: ويدل عليه ما أخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السُّدِّي قال: إن الله يرسل الريح فتأتي بالسحاب من بين الخافقين - طرفي السماء والأرض - من حيث يلتقيان، فيخرجه من ثمة، ثم ينشره فيبسطه