الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين،

محمد بن يحيى مداعس (المتوفى: 1351 هـ)

[بقية الباب الثالث]

صفحة 117 - الجزء 2

  ومعهم الزبير بن العوام، وكانت أمه صفية بنت عبد المطلب، وإنما كان يعد نفسه من بني هاشم، وكان علي كرم الله وجهه يقول: ما زال الزبير منا حتى نشأ بنوه فصرفوه عنا. واجتمعت بنو أمية إلى عثمان ومن معه من بني أمية فبايعوه، وقام سعد وعبد الرحمن بن عوف ومن معهما من بني زهرة فبايعوا، وأما علي # والعباس بن عبد المطلب ومن معهما من بني هاشم فانصرفوا ومعهم الزبير بن العوام إلى رحالهم، فذهب إليهم عمر في عصابة فيهم أسيد بن حضير وسلمة بن أَشْيَم فقالوا: انطلقوا فبايعوا أبا بكر، فأبوا، فخرج الزبير بن العوام بالسيف، فقال عمر: عليكم بالرجل فخذوه، فوثب عليه سلمة بن أشيم فأخذ السيف من يده فضرب به الجدار، فانطلقوا به فبايع، وذهب بنو هاشم أيضاً فبايعوا.

  قلت: فقد رأيت أيها المنصف كيف كانت بيعة الزبير، وأنها على سبيل الإكراه بعد أخذ سيفه كرهاً وضرب به الجدار حتى انكسر، كما في كثير من الروايات الصحيحة، وقوله: «وذهب بنو هاشم أيضاً فبايعوا» على فرض وقوع البيعة منهم فهي على الصفة المذكورة من ذهاب عمر بتلك العصابة إليهم، وإخراجهم وسوقهم للبيعة بعد ما رأوا ما فعل بالزبير، فأين الرضا والاختيار منهم للبيعة كما هو المشروط في المسألة؟ ثم قال ابن قتيبة مترجماً للبحث ما لفظه: إباية علي كرم الله وجهه بيعة أبي بكر، ثم إن عليًّا # وكرم الله وجهه أُتي به إلى أبي بكر وهو يقول: أنا عبد الله وأخو رسول الله، فقيل له: بايع أبا بكر، فقال: أنا أحق بهذا الأمر منكم، لا أبايعكم وأنتم أولى بالبيعة لي، أخذتم هذا الأمر من الأنصار واحتججتم عليهم بالقرابة من النبي ÷ وتأخذوه منا أهل البيت غصباً!، ألستم زعمتم للأنصار أنكم أولى بهذا الأمر منهم لما كان محمد ÷ منكم، فأعطوكم المقادة وسلموا إليكم الأمارة؟ فإذاً أحتج عليكم بمثل ما احتججتم على الأنصار نحن أولى برسول الله ÷ حياً وميتاً، فأنصوفنا إن كنتم تؤمنون، وإلا فبوؤوا بالظلم وأنتم تعلمون. فقال عمر: إنك لست متروكاً حتى