[بقية الباب الثالث]
  إنما أخذوا الأمر بالأمس في السقيفة على الأنصار بكون رسول الله ÷ ليس من الأنصار وإنما هو من المهاجرين، حيث قال عمر: ولكن العرب لا ينبغي أن تولي هذا الأمر إلا من كانت النبوة فيهم وأولوا الأمر منهم، لنا بذلك على من خالفنا من العرب الحجة الظاهرة والسلطان المبين، من ينازعنا سلطان محمد وميراثه ونحن أولياؤه وعشيرته إلا مدل بباطل أو متجانف لإثم أو متورط في هلكة، وكذلك قول أبي بكر: إن المهاجرين أولى بالأمر من الأنصار؛ لكونهم أولياءه وعشيرته وأحق الناس بالأمر من بعده، لا ينازعهم فيه إلا ظالم.
  وبهذا يعلم أنه لا حجة لأبي بكر وعمر على الأنصار سوى القرب من رسول الله ÷، فيقال لهما: فهل أنتما أقرب إلى رسول الله ÷ من علي # وسائر بني هاشم حتى يسوغ لكم أن تطلبوهم البيعة لكم، وتحملوا الناس عليها طوعاً أو كرهاً، أم هو أقرب إليه ÷؟ فالأمر بالعكس، ولا ينازعه ذلك إلا مدل بباطل أو متجانف لإثم أو متورط في هلكة، ولا ينازعهم فيه إلا ظالم، ثم إن أمير المؤمنين # قد صرح في كلامه هذا بقوله: أنا أحق بهذا الأمر منكم. وقوله: «لأنا أهل البيت وأحق بهذا الأمر منكم» لكونه أقرب منهم إلى رسول الله ÷، وأن أخذهم الأمر لنفوسهم من أهل البيت $ غصب، وإن آله أولى به ÷ حياً وميتاً، وطلب منهم النصفة إن كانوا مؤمنين، وقال: «وإن لا»، وهو يحتمل أن يكون المعنى: وإن لا تكونوا مؤمنين، ويحتمل أن يكون المعنى: وإن لا تنصفونا فبوؤوا بالظلم وأنتم تعلمون، وهذا لا يجوز ولا ينبغي صدوره من أمير المؤمنين # ولا من غيره من سائر المسلمين أن يقوله إن كان مطلب أبي بكر وعمر حقاً ومسعاهما خيراً.
  لا يقال: إن الأمر في شأن قيامه هو خشية أن يبايع للأنصار أو ارتداد(١) الناس
(١) ولنا أن نقول: لو تركوا الأمر لأهله وانقادوا لحكم الله، وقوله: لما حصل الارتداد ممن ارتد عن الإسلام، فكلامكم وهم وتبخيت، ومعارضتنا لكم دل عليها الدليل، وهو قوله ÷: «وإن =